20‏/06‏/2014

تقاليد الزفاف عند الأوزبك


تشكلت عادات وتقاليد الشعب الأوزبكي لعدة قرون، وهي مميزة جداً، ومؤثرة ومختلفة، وتعود إلى العهود والأديان المختلفة فالتشكيل الأولي للثقافة عند الأوزبك تعود إلى القرون 6 - 7 قبل الميلاد عندما استقرت القبائل البدوية في أودية أمو داريا، سير داريا وزارافشان حاملين معهم عادات وتقاليد على أساس الطوائف القديمة من أسلافهم، والتي أصبحت فيما بعد أساس الثقافة الأوزبكية.


عروس من بخارى
وعلى مدى قرون ظلت تقاليد وعادات الشعب الأوزبكي دون تغيير تقريباً على الرغم من رغبة العديد من الغزاة لفرض ثقافة غريبة عليهم. 
وكان للعرب أعظم تأثير على العادات والتقاليد الأوزبكية من خلال انتشار الإسلام في جميع أنحاء آسيا الوسطى، حتى تشابكت الثقافة المحلية بشكل وثيق مع تقاليد الإسلام، واستقر بقوة في وضع وعقول الشعب الأوزبكي.
وهذا لم يمنع من الاحتفاظ بعناية كبيرة لعادات وتقاليد الشعب الأوزبكي منذ قرون فانتقلت من جيل إلى جيل مثل العديد من الدول الآسيوية، وارتبطت معظمها بالاحتفالات العائلية الكبرى مثل: احتفال بالمواليد وحفلات الزفاف، وتشمل هذه الأحداث العديد من الشعائر والطقوس، وإشراك أولياء الأمور والأطفال والإخوة والأخوات والأقارب القريبة والبعيدة، وكذلك الجيران والضيوف. 
كل واحد له دوره الخاص؛ وتستند تقاليد الأوزبكي على حسن الضيافة واحترام الشيوخ، والامتثال لقواعد القرآن الكريم.


ويلعب الزفاف دوراً هاماً في حياة الأوزبك حيث أن حفل الزفاف في أوزبكستان يتطلب ترتيب ومسؤولية كبيرة جداً، ويتم إعداده بعناية فائقة، فهو مسؤولية يتطلب تحضيرها على عدة سنوات، يبدأ من يوم ولادة الفتاة إلى أن تصل الفتاة إلى سن النضج والزواج، فنرى أن الإعداد لحفل الزفاف بالنسبة للعائلة الأوزبكية ليس وليد اللحظة بل يحتاج لعدة سنوات من التحضير خاصة بالنسبة لوالد العروس فهذا العمل سيكون مهر ابنته، ومن هذه الإعدادات والتقاليد جمع أطوال من الأقمشة لعمل الثياب والقمصان لأقارب ابنتهم المستقبلية، وبحضورك حفل زفاف سوف تكتشف رؤى عن القيم المجتمعية والعائلية، ونمط الحياة وتاريخ الأجيال. 


أثاث من جهاز العروس
وإذا نظرتم أعمق سترون كيف تنعكس هذه الطقوس والعادات في الحياة اليومية للأسرة الأوزبكية وأهميتها في تحديد وضع المرأة في الأسرة الجديدة ومستقبلها.



وساطة الزواج
يتم خلالها السؤال عن العروس وأسرتها من جانب العريس وأهله، ويتم جمع معلومات تفصيلية عنها إذا كانت تعرف طهي الطعام، ومعلومات أخرى عن شخصيتها هادئة – عنيدة... إلخ. 
كما يتم جمع معلومات عنها تتعلق بشكلها هل هي جميلة، سمراء، بيضاء، طويلة، قصيرة؟..الخ.

المرحلة الأولى

بعد جمع المعلومات يتم إرسال أم العريس مع أحد الأقارب إلى بيت العروس، وتأخذ معها الحلويات والكعك ملفوفة في قطعة من القماش.



رغم أن الفتاة لا تعطي الموافقة من أول مرة، ولكن بعد ثلاث محاولات لتستطيع التعرف على أهل العريس أكثر، وبعد إعطاء موافقتهم يتم تحديد تاريخ ليتم الاتفاق على ترتيبات حفل زفاف.

المرحلة التالية
أكل الحلويات وإعطاء الجواب

يحضر في هذه المرحلة من جانب العريس عدد قليل من الرجال (شيوخ) إلى منزل العروس، وذلك لمناقشة مواعيد محددة من الزفاف، وتكون هناك قائمة، والتي تنص على ما ينبغي أن تعطى من الأشياء كهدايا للعروس: أطوال من القماش والأقمشة لفساتين، فساتين، والدعاوى، والمعاطف، وأحذية الشتاء والصيف، الذهب والمجوهرات، والزي التقليدي.


الزي التقليدي
ويحدد أيضاً عدد الضيوف في حفل زفاف حيث تكون ثابتة من كلا الجانبين، وكل ذلك يكون تكلفته على أهل العريس ومن مصاريف الزفاف، وبالتالي ينبغي على أسرة العريس قبل الزفاف جلب جميع المنتجات اللازمة لمنزل العروس في المدينة من الماشية والأرز والزيت والخضار والكحول والمشروبات والدقيق والفواكه والحلويات.




عرس النسوة
يجلب العريس جميع المواد الغذائية والمرطبات قبل يوم Fotiya  
وفي الصباح في بيت العريس تجتمع النساء في وقت مبكر لتبدأ في إعداد الصواني ويضعوا الهدايا على حسب عدد الحضور.
Fotiya كما يمكن أن يسمى الموافقة الرسمية أو عيد اتفاق وعادة يقام هذا الحدث خلال النهار، ويرتدي النساء والرجال الملابس الملونة المبهجة.


ويقود الموكب من قبل الموسيقيين ويصدح صوت العزف على الآلات الموسيقية الوطنية والطبول في حي كله، وذلك يكون بمثابة إعلان للجميع أن الفتاة في هذا المنزل مخطوبة، وقريباً سوف تبدأ هناك الاستعدادات لحفل الزفاف.



رسم الحناء 
يتم ترتيب هذا الحدث في بيت العروس، وتكون العروس قد دعت صديقاتها، وتبدأ الفتيات بالغناء، واللهو، وقراءة الشعر، ثم تقوم الفتيات برسم الحناء على أكفهم والقدمين.


بيلاف الأب
في المساء قبل يوم الزفاف في منزل العروس يتم إعداد لبيلاف الصباح. حيث يقوم الرجال الطباخين والمتطوعين بإعداد المفروم والجزر والبصل وغربلة الأرز.
يتم إعداد بيلاف بخارى الشهيرة (أوش صوفي) في 4 القدور مرة واحدة ويتم الإبقاء على صفة هذا بيلاف في سرية عميقة، وبادار أوش والتي ترجمتها حرفياً من الطاجيك "بيلاف الأب" الرز البخاري


وهذه المناسبة هي بمثابة توديع الأب لابنته قبل أن تنتقل إلى عائلة شخص آخر؛ لذا في هذا الحدث لا يتم وضع الكحول على الطاولة، فهذا اليوم هو يوم حزين للأب لأنه سوف يودع ابنته خلال هذا الحدث فتكون حتى الأغاني محزنة للغاية.
كما يتم تقديم بيلاف صباح اليوم في الساعة 7 صباحاً، والدعوة موجهة إلى الرجال فقط، ويتم تقديم للضيوف من قبل الرجال. 



الملبس للعريس
في نفس اليوم في بيت العريس، ولكن في المساء يتم أيضاً إعداد بيلاف. 


وخلال هذا الحدث يقام هناك حدث يسمى تقديم الرداء الوطني من الجانب العروس للعريس وهو رداء مطرزاً بالذهب، قلنسوة أو عمامة جميلة ومطرزة ووشاح الخصر.



وبعد أن يرتدي العريس هذا الرداء ويكون محاطاً بكبار السن الذين يقرأن الصلاة تتم المباركة له ويمطر على العريس المال والحلويات، ثم يرافقه الأصدقاء المقربين، بموكب المشاعل المشتعلة إلى منزل العروس.



حفل المساء 
كان حفل العرس قديماً يقام في بيت العروس ولكن اليوم أصبح يتم في قاعات كبيرة حيث يجتمع فيها من 150- 1000 شخص، ولكن يحبذ أن يحتفل به في يوم الخميس والسبت.


وتغنى الأغاني الوطنية ولكن ينبغي أن يكون الراقصين محترفين كفرق معينة لزف العروسين.

العريس يضغط برجله ولكن برفق على رجل العروس
يعود هذا التقليد "الضغط على رجل العروس" إلى قبل سنوات عديدة، وكان معناها الأصلي علامة على احترام الزوجة لزوجها في المستقبل ولا تزال تمارس إلى اليوم.
وبعد حفل الزفاف يذهب الزوجين الشابين إلى منزل العروس وتبقى العروس ليلة كاملة في منزل والديها، وفي اليوم التالي عند الفجر، يأتي شخص من عائلة العريس لأخذ العروس إلى بيت العريس.


رؤية العروس

عروس أوزبكية من منطقة فرغانة عام 1927
وبعد أن يتم جلب العروس إلى بيت العريس، تبدأ حفلة الزفاف أخرى بوجود أقارب العريس كما يدعى الجيران لتلك المناسبة، وتأتي النساء للتعرف على العضو الجديد في الأسرة وتقديم الهدايا للعروس من قماش، وذهب، ومال.

عروس أوزبكية
ويبدأ مرة أخرى الاحتفال بالعروس والغناء لها وتقديم الحلويات وبعد الحفلة عندما يذهب الضيوف، يتم إعداد سرير بالطراز التقليدي. 


كل هذا يحدث في جو مقدس، متمنين لها زواج ناجح وإنجاب الأطفال، وحياة أسرية سعيدة.


ويعد المساء جزءاً من حفل الزفاف فيذهب العريس مع العروس إلى الغرفة الجديدة، وتنثر النساء لها الزهور والحلويات، والمال متمنين لها حياة جميلة وغنية، وتكون هناك أحد صديقاتها المقربة لتساعد على تغيير الملابس العروس، ثم يأتي العريس إلى الغرفة ويدفع فدية للعروس لهذه الصديقة، ثم يتم ترك العروسين وحدهما مع بعضها البعض.

عروس أوزبكية من سمرقند

دعوة الابن الجديد 

في غضون أيام قليلة بعد الزفاف تدعو عائلة العروس الزوجين الشابين، وتكون هذه هي أول زيارة لأسرة العروس. 

ووالدة العروس تهيأ الهدايا لكل ضيف يحضر للمباركة وللعروس وللعريس الابن الجديد.
حيث يحضر جميع الأقارب والأصدقاء المقربين والجيران ويرتدي العريس اللباس التقليدي الأوزبكي ويتلقى الهدايا والبركات، وأطيب التمنيات للمستقبل. 

ترتيب الآسرة في اليوم السابع
في غضون أسبوع بعد الزفاف تأتي والدة العروس والأقارب لزيارة منزل الزوجين الشابين وتجلب معها الهدايا، وفي هذا اليوم يتم إعداد السرير، الذي أعد خصيصاً للعروسين. 
فمن التقاليد بأنه في أول ليلة الزفاف يعد هناك اثنين من الآسرة للزوجين الشابين بحيث يكون واحد مرتفع والآخر منخفض، وفي اليوم السابع بعد الزفاف يتم إعداد هذه الآسرة.
ومن الهدايا التي تجلبها الوالدة للعروس الحوض oftoba  ويرجع ذلك إلى حقيقة أنه في أول زيارة لوالدة العروس بعد حفل الزفاف، تخلع الفتاة الخوذة الخاصة وتغسل شعرها وذلك تبيان أن الفتاة أصبحت امرأة.

عروس مع عريسها من أوزبكستان
دعوة الزوجين
بعد الأشهر الأولى من الحياة الأسرية يقوم الشباب لزيارة الأقارب، وتكون هذه هي أول دعوة للزوجين الشابين كزوجة ويتم تقديم الهدايا للضيوف.

التقاليد تساير التطور
لا ننكر أنه مع التطورات الحاصلة؛ تعرضت التقاليد والعادات في المجتمع الأوزبكي كما غيره من المجتمعات عربية كانت أم أجنبية لتطورات اجتماعية وثقافية واقتصادية عميقة أكسبته عادات وتقاليد جديدة مع الزمن الجديد والطرح السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي الجديد، غير أن هذه التطورات وهذه التغيرات ظلت عاجزة في أن تصيب بعد مظاهر الثقافة المحلية والمتمثلة في بعض العادات والتقاليد اللصيقة للذات المحلية، حيث ظلت العائلة محتفظة ومحافظة عليها معتبرة إياها جزء من كيانها الروحي والعقائدي الأمر الذي أدى بها إلى تقديسها واعتبار عدم الاحتفاء بها أمر سيء ومرفوض اجتماعياً وحتى ثقافياً؛ ومن هذه التطورات كما ذكرنا سابقاً أن حفلات الزفاف أصبحت تقام في صالات خاصة لذلك، وحتى لباس العروس والعريس تغيرت لتساير التطور كما جميع الثقافات الأخرى ورغم ذلك فهناك تقاليد حافظت عليها الآسر ولم يصيبها التغيير لأنها رمز الأسرة الأوزبكية على مر الزمان.

الزفاف في طشقند
حفلة زفاف أوزبكي في صالات خاصة للحفلات
زفة أوزبكية






هناك 3 تعليقات:

  1. بارك الله فيك على هذه المعلومات كنت نبحث على تقاليد بلدان اسيا الوسطى جزاكي الله خيرا

    ردحذف