17‏/06‏/2014

معجزات معمارية ما بين الواقع والخيال



العالم ممتلئ بالغرائب؛ والحكايات الغريبة الأغرب من الخيال التي تملأ كل الأمكنة في هذه الحياة.. أحداث تقع بلا سبب.. اختفاء يلفه الغموض.. ظواهر طبيعية لا يزال الإنسان عاجزاً عن فهمها، وظواهر غير طبيعية يختلط فيها العلم بالخرافات. 
فأين نحن منها؟ وأين الحقيقة من معجزات الأزمنة الغابرة؟ وهي معجزات معمارية تركها لنا الأولون في وقت يؤكد كثيرون أن بعض هذه المعجزات هي من صنع مخلوقات فضائية وليست من صنع البشر.
قلعة بعلبك في لبنان.. آثار تدمر في سوريا.. أهرامات مصر.. أهرامات أميركا الجنوبية.. مدينة البتراء الأردنية.. أحجار ستونهينغ في بريطانيا.. جزيرة الفصح في أقصى المحيط الهادي.
رابط واحد يجمع بين كل هذه المواقع وهو الغموض الذي يثير في زائرها كل الخيالات عن الماضي وعن عظمة الإنسان القديم أيضاً.

جزيرة الفصح .. جزيرة التماثيل العملاقة

جزيرة الفصح
تمثّل هذه الجزيرة المعزولة سلسلة طويلة من الأسرار التاريخية العصية على الفهم، وذلك منذ أن بدأ المستكشفون الأوروبيون في الوصول إليها في القرن الثامن عشر حول سبب وكيفية بناء تماثيلها الضخمة التي أقيمت عليها منذ أكثر من 1000 سنة، والتي جسدت ملامح بشرية نصفية دون أطراف (أقدام أو أذرع)، وما الذي ترمز إليه؟ ومن أي أتى سكان تلك الجزيرة! خاصة أنها تبعد مسافات شاسعة عن أقرب الحضارات المجاورة؟

من أقدم الصور التي عثرت عليها
هكذا بدأت معهم وبفضلهم الحكايات عن تماثيلها الحجرية العملاقة تنتشر في العالم.

الأسطورة
تقول الأسطورة البولينيزية: بأن الملك هوتو ماتوا Hotu Matu'a المرسل عبر البحار وربما من جزر الماركيز قدم لهذه المنطقة لإيجاد وطن جديد له ولشعبه وهو من بين الموائيين Moai السبعة الذين واجهوا البحار حيث يطلق عليهم اسم "المبدعون السبعة" أو المكتشفون.



ووفقاً للسكان المحليين يعتقدون أنه تكمن قوة خارقة للطبيعة من أسلاف أول ملك جزيرة الفصح - Hotu Matu'a


وتقول الأسطورة أيضاً: أن تلك التماثيل التي أبدعها سكان الجزيرة الأوائل والتي تسمى موائي شيدت لتكريم الآلهة والأجداد البولينزيون آنذاك حيث يدفنون موتاهم بجانب هذه الصخور في قبور جماعية نظراً لاعتقادهم بما تحويه من رموز تحاكي السماء والعالم الآخر.

سبب التسمية
أما سبب تسميتها جزيرة الفصح فيعود إلى المستكشف الهولندي ياكوب روجينفين 
حيث تم اكتشافه للجزيرة بالصدفة في الخامس من ابريل عام 1722م والذي صادف عيد الفصح أو عيد القيامة لذلك أطلق عليها اسم العيد نفسه، جزيرة عيد الفصح كما يطلق عليها اسم جزيرة القيامة أو جزيرة إيستر.
وجزيرة الفصح تقع في المحيط الهادئ الجنوبي وتقع على بعد 3700كم
غرب تشيلي، والاسم المحلي للجزيرة - رابا نوي- وهي أبعد الجزر المأهولة بالسكان في العالم؛ المسافة إلى الساحل القاري شيلي هو 3703كم إلى جزيرة بيتكيرن  1819 كم 
وقد حكمت تشيلي الجزيرة منذ عام 1888م، وفي عام 1995 أصبحت الحديقة الوطنية "رابا نوي" من مواقع التراث العالمي من قبل اليونسكو.

صروح عملاقة محيرة

خريطة تبين أماكن التماثيل وانتشارها
هذه الجزيرة القائمة في أقصى جنوب المحيط الهادي تحتوي على واحد من أكثر الأسرار غموضاً؛ ثمانمائة وسبعة وثمانون تمثالاً حجرياً عملاقاً لرؤوس بشرية متشابهة إلى حد كبير؛ بعضها بغطاء على الرأس يزن وحده عشرة أطنان، والبعض منها يمثل الرأس والجذع فقط، وللبعض الآخر أذرع، لكنها جميعاً بلا أرجل، ويحتل الرأس ثلاثة أخماس حجم التمثال.


ويقدر العلماء وزن كل تمثال بقرابة اثني عشر طناً وجميعها تقريباً متساوية في طولها البالغ أربعة أمتار؛ حيث يتراوح طول أغلبها بين 3.5 إلى 6 أمتار، بينما يشمخ بعضها ليصل إلى ارتفاع 12 متراً ، ويزن ما يصل إلى 82 طناً.

حجم الإنسان بالنسبة للتمثال
مع عدة استثناءات، فارتفاع أحد هذه التماثيل يبلغ واحداً وعشرين متراً أما وزنه فيقدر بمائتين وسبعين طنًّاً.


ومنذ أن اكتشفها الهولنديون عام 1722 لا يزال العلماء عاجزين عن تفسير ألغاز هذه التماثيل المنصوبة في صفوف طويلة على طول الساحل وجميعها بلا استثناء موجهة «أنظارها» صوب الداخل وظهورها للبحر.




أسئلة محيرة

ما أصل هذه التماثيل؟ وكيف تمكن السكان الأصليون الذين صنعوها أو نحتوها من نقلها ونصبها في أماكنها وكأنها في خطوط مستقيمة، وبمسافات متساوية تقريباً بين كل تمثال وآخر؟


صورة مرسومة تبين عمليات النحت

ثمة سر آخر لا يزال العلماء والمتخصصون يبحثون عن تفسير له: لماذا ثبتت هذه التماثيل العملاقة بهذه الطريقة الموحدة؛ وجوهها نحو الداخل وظهورها إلى البحر؟


سؤال يبدو أنه هو الآخر سيظل بلا جواب: لماذا تم قلب التماثيل العملاقة عن قواعدها الحجرية حين وصول المستكشفين الهولنديين؟

رماد بركاني
حسب رأي العلماء: إن ما لا يقل عن %95 من هذه التماثيل مصنوعة من رماد بركاني مضغوط، وأن هذا الرماد لا يوجد إلا في موقع بركان خامد منذ آلاف السنين في الجزيرة.
وتشير الأبحاث إلى أن السكان استخدموا أياديهم فقط لضغط الرماد بعد مزجه بالزفت والقطران، وكانوا يمزجون كمية قليلة منه، ويتركونها حتى تجف ثم يضيفون إليها كمية أخرى، وهكذا.
كما يقدر المتخصصون أن صانعي التماثيل كانوا يعملون ضمن فرق موزعة على عدة مواقع، وأن كل تمثال استلزم عمل فريق من خمسة إلى ستة أشخاص طوال عام كامل للانتهاء منه، وبعد ذلك تطلب الأمر ما بين مائة وثمانين شخصاً ومائتين وخمسين لنقل التمثال الواحد من مكان صنعه إلى قاعدته ويعتمد عدد العمال على وزن التمثال.



وعلماء آخرون قالوا: بأن سكان الجزيرة استخدموا معاول يدويةً حجريةً لنحت التماثيل من صخور بركان خامد، ثم قاموا بنصب التماثيل على مصاطب مرتفعةٍ لمعبدٍ يُسمى أهُو. ووضعوا أسطوانات حجرية حمراء ضخمة تُشبه القبعات على رؤوس بعض التماثيل في شكل متوازن.

ويعد نصب هذه التماثيل الضخمة على المصاطب وموازنة الأسطوانات على رؤوسها من المهارة التي يصعب إنجازها حتى في يومنا هذا.


طريقة نقل حجارة البناء
كانت النظريات السابقة تقول: أن هذه الجزيرة لم يكن يوجد فيها أي نوع من الأشجار في السابق لذلك تم نقل تلك التماثيل بطريقة غريبة جداً؛ إلى أن جاءت فرق البحث الحديثة وأكدت أن هذه الجزيرة كان يوجد فيها الكثير من الأشجار التي كانوا يعتمدون عليها سكان هذه الجزيرة بصنع القوارب والسفن ومن خلال أيضاً تتبعهم لتلك الحضارة وجدوا أنها كانت تهتم بالزراعة التي توضحها الرسوم على جدران الكهوف والصخور .
أما طريقة النقل لتلك التماثيل العملاقة الموائي فكانت بوضع خشب الأشجار الذي يقطعونه أسفل تلك التماثيل التي كانوا يمددونها على الخشب ومن ثم سحبها بواسطة الحبال.
يقول الخبراء: أن عملية النقل لا بد أن تكون تمّت بربط التمثال بحبال مصنوعة من ألياف الشجر، وأن تلك الحبال كانت على شكل الحرف Y، بحيث يتم ربط التمثال من رقبته بطرفه المفرد (الأسفل) ويمسك العمال بطرفيه العلويين.

عمل لم يكتمل
يشير الخبراء إلى أن أبحاثهم ودراساتهم حول الموضوع تؤكد أن قرابة ربع التماثيل وضعت فوق قواعدها الصخرية، في حين بقي الجزء الأكبر في أماكن قريبة من الفوهة البركانية التي استخدم رمادها في صنع التماثيل. 
كما تم العثور على بعضها في أماكن متفرقة بين الفوهة البركانية والمواقع المطلة على المحيط، حيث جرى نصب عدة مئات من هذه التماثيل، أي أن العمل قد توقف قبل اكتمال نقلها كلها.
وفي حين أن أكبر هذه التماثيل لا يزال بعيداً عن قاعدته وقريباً من الجبل البركاني، فإن أكبر التماثيل الموجودة على قواعدها الصخرية يحمل اسم «بارو» ويبلغ وزنه اثنين وثمانين طنّا، في حين يبلغ ارتفاعه تسعة أمتار وثمانين سنتيمتراً.
وتوجد عدة تماثيل بالحجم نفسه قد نقلت إلى قواعدها في الطرفين الشمالي والجنوبي للجزيرة.


مفتاح الأسرار
الأسئلة بالطبع لا تقف عند حدود التماثيل العملاقة، فقبل أكثر من مائة عام تم العثور في الجزيرة على لوح حجري عليه نقوش وكتابات بلغة محلية يسمونها «رونغو رونغو» 


وفي السنوات التالية تم العثور على مئات القطع الفنية، وهي في غالبيتها عبارة عن تماثيل ومنحوتات تحمل جميعها كتابات باللغة نفسها.


وعلى الرغم من مرور كل هذه السنوات لم يتمكن العلماء والمتخصصون حتى يومنا هذا من ترجمة وفك طلاسم هذه اللغة، إذ تبين أن القراءة والكتابة كانت حكراً على علية القوم والكهنة من دون بقية السكان، وقد حرص الغزاة الأوروبيون على قتلهم أو نقلهم إلى أوروبا وبيعهم في أسواق النخاسة كالعبيد. وبموت هؤلاء لم يعد هناك من يعرف قراءة تلك النصوص.
ويعتقد الخبراء أن فك طلاسم تلك الكتابات سيكون أشبه بمفتاح سحري لمعرفة الكثير عن أسرار هذا الشعب وعن الحضارة التي حققها، ومكنته من إنجاز هذه التماثيل العملاقة التي من المؤكد أنها تخفي وراءها الكثير من الأسرار.

حراس الجزيرة
يقول المستكشف "رون فيشر" وهو أحد الباحثين في هذا المجال: إن صنفاً من الأجناس البشرية كانت تعيش في هذه الجزيرة كان لها الشكل البشري نفسه المنحوت وسبب بناءها لتلك الصروح هو جعلها تبدو كالقلاع التي يحتمي بها سكان هذه الجزيرة نتيجة الحروب والمعارك التي كانت تجري في ذلك الوقت حيث كانوا يطلقون عليها اسم حراس الجزيرة.


أيضاً يقول الباحث "جيمس كوك" التابع لفريق البعثة الاسبانية بأن ما حدث للتماثيل الموائي في عام 1774 المحطمة والمبعثرة هو نتيجة لبركان رانو راراكو الواقع في المنحدرات السفلية لـتيرفاكا، ونتج عن ذلك تشكل الرماد البركاني والأحجار البركانية في تلك المنطقة.

المبدعون السبعة
هناك رواية تقول: أن هناك تميز لهذه التماثيل في الشكل والوزن والطول، وأن هناك سبع تماثيل Moai تختلف عن باقي Moai السبع الذين يمثلون "العرش الكريم" التي تحدثت عنه الرواية التوراتية في سفر التكوين ابتداء من اليوم الأول ولغاية اليوم السابع في عملية الخلق، حيث أن لكل واحد من هذه الموائي السبعة اسم يتم جمعه من خلال أية تطابق في المعنى الاسم الذي نقش على هذا الموائي.


حضارة متقدمة 
مما لاشك فيه بأن هناك أماكن مختلفة في مختلف أنحاء العالم تشترك مع تلك التماثيل الضخمة والغريبة في أنها لديها سر تتركه وراءها كما نرى في حجارة ستونهنغ Stonhenge في بريطانيا أو في بناء الأهرامات في مصر أو مدينة بابل وغيرها من الأماكن التاريخية والقديمة والتي يصعب على العلم أيجاد تفسيرات مقنعة لتشييدها على ضوء الإمكانيات والأدوات البدائية المتوفرة في تلك العصور، حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن تلك الصروح تمثل تحدي لعلماء اللغة من خلال النقوش والرموز الموجودة على الكهوف مثل رموز رونغو رونغو وهو نظام رموز منقوشة اكتشف في هذه الجزيرة في القرن التاسع عشر ويبدو أنه نظام كتابة.
صحيح أنه لم تفك رموزه بعد رغم المحاولات العديدة. لكن أكد الباحثون وجود معلومات عن التقاويم والأنساب فيه، وإن كان نظام كتابة فهو أحد أربعة أنظمة مستقلة لاختراع الكتابة في التاريخ البشري، ويعتقد أنها كتابة تمثل الكوريغرافيا، والملاحة، والفلك، أو الزراعة.

 4500 قبل الميلاد
في عام 1914م زار الجزيرة فريق بحث بريطاني ثم تبعه فريق بحث فرنسي عام 1934م.
علماء من مختلف الدول زاروا الجزيرة على أمل معرفة حقيقة ما جرى، وأظهرت نتائج الأبحاث أن الجزيرة كانت مأهولة بالسكان من شعب
غير محدد من العصر الحجري الأخير أي منذ عام 4500 قبل الميلاد، وأن السكان صنعوا في القرن الميلادي الأول تماثيل بشرية بالحجم الطبيعي قبل أن يصنعوا على مدى عدة قرون لاحقة هذه التماثيل العملاقة التي يجسد كل منها روح أحد زعماء قبائل السكان الأصليين كما يقال.


ويدل تاريخ الكربون المشع أن كارثة رهيبة حلت بالجزيرة منتصف القرن السابع عشر أي حوالي عام 1680م، حيث اندلعت حربٌ دموية بين مجموعتين من سكان الجزيرة وخلال الفترة التالية التي امتدت حوالي 150 سنة قلب المنتصرون في الحرب وأبناؤهم تماثيل الموائي من قواعدها، وكانوا في أغلب الأحوال يكسرون رقاب التماثيل إلا أنه قد أُعيد حوالي 15 تمثالاً من المواي إلى مواضعها الأصلية.
هكذا يرجح العلماء بأنه رحل السكان الأصلين واختفوا تماماً قبل أن يحل في الجزيرة سكان جدد قدموا من جزر ماركيز الفرنسية التي تبعد خمسة آلاف كيلومتر، وهم السكان الحاليون للجزيرة.


صلة مزعومة مع المخلوقات الفضائية
تفسر إحدى النظريات السبب وراء صنع تماثيل جزيرة الفصح أو إيستر فترى أن الأمر متعلق بكائنات خارجية قدمت من الفضاء ولم تستطع العودة إلى كوكبها، فقامت بنحت تلك التماثيل لملئ فراغها وبسبب الملل، وأن القبعات الحمراء هي لتقليد قبعات الكائنات الفضائية.
ويفسر أصحاب تلك النظرية ذلك بسبب الدقة في أماكن تواجد التماثيل حيث تمثل رموز فلكية معقدة جداً، ويتضح هذا من معامدتها لأشعة الشمس بصور هندسية، وهناك أيضاً الرسومات والمنحوتات الخشبية والصخرية التي تغطيها الرموز والطلاسم المبهمة والتي تمثل واقع فعلي لحضارة ذكية اندثرت بشكل غامض.
وهناك أيضاً عدد من التقارير التي تتحدث عن مشاهدات لأجسام طائرة مجهولة "يوفو" في هذه المنطقة تثير تساؤلات وفضول لدى الكثير من الباحثين والسكان المحليين .


ولا زال هناك مئات الموائي في مختلف مراحل النحت مُوزعة على مُنحدر بُركان رانو راراكو مطمورة في التراب بعمق ( 20-40) قدم عدا الجزء البارز منها.

الأوروبيون جلبوا الأوبئة
ففي 1772 كان المكتشف الهولندي جاكوب روجيفين أول أوروبي يرى هذه الجزيرة، وفي عام 1862 وصلت سفن تجار العبيد من بيرو إلى الجزيرة، فاختطفوا حوالي 1400 من سكان الجزيرة، وأحضروهم إلى بيرو ليعملوا في المزارع لكن مات جميع هؤلاء الأبرياء المختطفين في بيرو إلا مئة منهم، ثم أُعيد الأحياء منهم إلى جزيرتهم عام 1863، فمات أيضاً 85 منهم أثناء رحلتهم إلى وطنهم، أما الخمسة عشر الباقون على قيد الحياة فقد نقلوا إلى وطنهم جراثيم مرض الجُدري، وجراثيم أمراض أخرى انتشرت بين سكان الجزيرة المتبقين فمات الكثير من سكان الجزيرة بسبب تلك الأمراض.


فيرى المؤرخون أن عدد سكان جزيرة الفصح انخفض بعد وصول الأوروبيين إلى ما يتراوح بين ألفين إلى ثلاثة آلاف نسمة بعد أن كان في حدود خمسة عشر ألفاً. 
كذلك تسبب وصول الأوروبيين إلى الجزيرة بانقراض ما لا يقل عن واحد وعشرين صنفاً من النباتات، وبالذات الأشجار العملاقة التي يبلغ معدل ارتفاعها خمسين قدماً.
وتسبب الغزو الأوروبي أيضاً بانقراض العديد من أنواع الطيور، ويقال أن الأوروبيين أكثروا في الجزيرة من عمليات الصيد البري والبحري على حد سواء.
وهناك أسباب أخرى يوردها المؤرخون، ومنها انتشار الأوبئة التي جاء بها الأوروبيون، وكذلك جيوش الجرذان التي كانت تعيش في سفنهم فراحت تغزو الحقول وتلتهم كل ما تصادفه في طريقها من نبات أو حيوان.
وفي منتصف القرن التاسع عشر لحقت بالجزيرة كارثة أخرى تمثلت بالغزو الذي تعرضت له من قبل صيادي الحيتان، ومن ثم بدأت الحملات التبشيرية بالوصول إلى الجزيرة، وبدأت المشاكل والمواجهات الدامية حين راحت الكنيسة الجديدة توزع أراضي الجزيرة على المستوطنين الأوروبيين بحجة أن أصحاب هذه الأراضي قد ماتوا.
ويقدر المؤرخون أن ما نسبته %97 من السكان الأصليين قد أبيدوا خلال أقل من عشر سنوات إما بالقتل العمد أو بالخطف لبيعهم في أسواق النخاسة أو بالموت بسبب الأمراض أو المجاعة.
وقد بقي 110 نسمة فقط عام 1877، ومنذ ذلك الحين أخذ عدد السكان الأصليين في الازدياد.

أصول السكان وتحليل الحمض النووي
أثبتت تحاليل الحمض النووي للأوائل الذين قدموا إلى الجزيرة بأنهم ينحدرون من بولينيزيا وليس من أمريكا الجنوبية الأقرب من جزيرة إيستر كما كان يظن سابقاً أي أنهم قدموا من مكان بعيد جداً .


حيث كان الشعب البولينيزي وهو عرق مستقل من العروق البشرية يسكنون أرخبيل الجزر التي تقع إلى الشرق من أستراليا ونيوزيلندا الآن يستوطن أكثر من 1000 جزيرة وكانوا يسافرون من جزيرة إلى أخرى.
وتشير قياسات الكربون المشع المستخدم في التأريخ أن حضارة الموائي البعيدة في جزيرة الفصح تعود إلى 700 سنة بعد الميلاد وطوال 1000 سنة لم يثبت أن قدم أحد إلى الجزيرة من عرق آخر، واشتغل قاطنوا الجزيرة في الصيد والزراعة ووصل عددهم إلى حوالي 12000 نسمة أي 3 أضعاف سكانها الحاليين.

لغز مستمر للعلماء والباحثين


بالنظر إلى النموذج الخاص للموائي والذي تتشابه به جميع التماثيل كالوجه المميز الحاد القسمات، والأنف المستطيل الطويل، والشفاه الرفيعة المزمومة، وتلك العيون الغائرة، والجبهة الضيقة، فليس من بين الحضارات القديمة كحضارتي الأزتك والمايا في أمريكا الجنوبية أو حتى سكان الجزر في المحيط الهادئ من شعب بولينيزيا من يمتلك تلك الملامح, وكلها صفات وملامح لا توجد في المنطقة أو بالقرب منها؛ ثم كيف استطاع هؤلاء القدماء الانتقال لآلاف الكيلومترات وسط أهوال المحيط الأطلسي الذي يعتبر ثاني أكبر محيطات العالم بعد المحيط الهادي؟ 
ولأي سبب أقيمت هذه التماثيل الضخمة بذلك الشكل المتشابه والمميز بصفة متلاصق على طول الشاطئ؟



0 التعليقات:

إرسال تعليق