22‏/04‏/2014

حقيقة لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم


هي حكمة يابانية مصورة تتكون من ثلاثة قرود الأول: هو ميزارو (لا أرى)، والثاني: ميكازارو (لا أسمع)، والثالث: مازارو (لا أتكلم).

يعود أصل الحكمة إلى القرن السابع عشر حيث وجدت هذه الصورة على ضريح ياباني مشهور يدعى “توشوغو”، وهذه الحكمة هي قاعدة يابانية ذهبية ولها عدة مفاهيم. 


الأولى: هي أن لا تكون متلصص أو فضولي أو نمّام. 
والثانية: هي أن استخدام حاستي البصر والسمع بسوء قد ينعكس أيضاً على أقوال وأفعال الشخص. 
والثالثة: هي ألا ترى بسوء أو تسمع بسوء أو تتكلم بسوء.

ولكننا بالطبع أسأنا استخدامها حيث أصبحت تعبر عن السلبية فقط.. فلا تكاد ترى مكتب لحاكم أو موظف إلا وتراها على مكتبه ولكن لتعبر عن السلبية لاستمراره وللحفاظ على عمله.


فإن كانت قصة حكمة القرود إيجابية فيما مضى؛ فمع الأيام نحن جعلناها سلبية وهذا الحوار يعبر عن مفهومنا الخاطئ لــ (لا أرى) (لا أسمع) (لا أتكلم) بشكل منطقي وقريب من الواقع.  

دار حوار بين ثلاث أشخاص... أحدهم يدعى (لا أرى) والثاني (لا أسمع ) والثالث (لا أتكلم ) 

اقترب (لا أرى) من المجموعة وقال: إنني أرى ولكنني كالذي لا يرى..! 
أرى الأشخاص، ولكنني لا أرى ما بداخل الأشخاص.. 
أرى النور، ولكنني أسدل على عيني ستاراً أسوداً فلا أرى.. 
أرى الخير والنعمة والمال أمامي، ولكنني أغمض عيني وأترقب وأطمع بخير وبنعم وبمال أكثر... 
أرى نفسي في المرآة، ولكنني في كل يوم أزداد بشاعة؛ فأفضل كسر المرآة؛ فأصبح كالذي لا يرى..!!

تقدم(لا أسمع) وقهقه ضاحكاً من خيبة (لا أرى).. وقال: إنني أفضل حظاً منك يا (لا أرى).. فأنا أسمع وأسمع، ولا أكتفي بالسماع؛ بل إنني في بعض الأحيان أجذب من حولي لسماع ما أسمع..
أسمع الخير، وأسمع نقيضه؛ وغالباً ما يكون الخير عندي مهملاً..
أسمع النصح الكثير، وسرعان ما أقذف به من أحد أعتاب أذني.. 
أسمع الاستغاثات، ولكنني لا أبالي كوني أتبع مبدأ (نفسي ثم نفسي) فلست أبالي بما قد يحدث حولي..
(لا أسمع) هو أسمي بالرغم من التناقض مع شخصيتي المنصتة أغلب الأوقات.!!

تنهد (لا أتكلم) تنهيدة من القلب؛ فتطايرت معها أوراق كانت على الطاولة، ووضع (لا أتكلم) يده على خده منصتاً إلى حديث أصدقائه ( لا أرى) و(لا أسمع)..
لفتت التنهيدة نظر أصدقائه وقطعت حديثهما، فالتفتوا إلى (لا أتكلم) قائلين: ما بالك يا هذا؟ لقد مللنا تنهيداتك..! تكلم أو أكرمنا بسكوتك المعتاد..!! 
تدحرجت دمعه من عين (لا أتكلم) وأتبعها بكلمات مرتعشة، ثم قال(لا أتكلم): ليتني أملك لسان أحدكما؛ فلي عينان أنظر بهما إلى كل خير، وأيضاً أنظر بهما إلى بعض سلبيات زماننا وبصمت؛ ولي أذنان أنصت بهما إلى كل طيب، ولكنني في نفس الوقت أرى من الخبائث الكثير و أصمت، وما يمنعني من درء الشر هو لساني، فأنا أملك لسان ولكنني لا أتكلم.. 
أرى الخطأ ولكنني لا أتكلم.. 
أسمع السيئ ولكنني لا أتكلم.. 
اسمع نقاشكما الذي يحوي من الأخطاء كثيراً، ولكنني لا أتكلم.. 
أشعر بثقل، وبنقص في شخصيتي يمنعني من أن أحرك لساني.. 
أشعر أن الجميع يستصغرونني.. وأن الجميع يهزأ بي.. وإنني لا أقوى على فعل شيء سوى الاستماع والنظر والسكوت.. إذاً هذا هو أنا (لا أتكلم)..!!


هناك تعليق واحد: