16‏/04‏/2014

كل ذو عاهة جبار



نك فوجسيس
مثل متداول بين الناس؛ يختبئ بين حروفه القصد ومعناه؛ فهل يعني الذم أم المدح لشخص المَعنيُ بذلك؟ 
إن كلمة جبار لا تكون بمعنى قاسي أو غليظ،؛ فالله هو الجبار أيضاً؛ بإضافة الألف واللام، والعكس صحيح أيضاً القاسي والغليظ كلمتان أو معنيان مرتبطتان بالجبروت..!

فإن كان يقصد به الذم، ذلك أن صاحب العاهة فيه قسوة وغلظة، وجبروت بسبب إحساسه بالظلم؛ فسيكون كارهاً لكل الناس بسبب ما ينقصه.
أما إن كان يعني المدح..! وهو أن هذا الشخص ينشأ جباراً ويتغلب على عاهته وما ينقصه ليتفوق على أقرانه الأصحاء وهذا ما يخبرنا عنه التاريخ.
فقد قرأنا لعدد من العظماء ذوي العاهات؛ ولكن لم أعرف أحداً منهم أنه كان جباراً أو متجبراً أو حقوداً ظالماً...

طه حسين
"طه حسين" الذي فقد بصره صغيراً وأصبح أعمى كان ودوداً حليماً؛ وناقداً وأديباَ.

ابراهيم المازني
"إبراهيم المازني" كان أعرج، وكان مفكراً وفناناً لطيفاً خجولاً، وشاعر وناقد وصحفي، وكاتب روائي من شعراء العصر الحديث، عرف كواحد من كبار الكتاب في عصره كما عرف بأسلوبه الساخر سواء في الكتابة الأدبية أو الشعر واستطاع أن يلمع على الرغم من وجود العديد من الكتاب والشعراء الفطاحل.

مصطفي صادق الرافعي
"مصطفي صادق الرافعي" كان أطرش. وإن كان أحد قد شكا منه فالأديبة مي زيادة، لأنه ادعى أنها تحبه. أما أنه كان يحبها فلم يُخفِ ذلك، وإنما جاء في كتبه: «السحاب الأحمر» و«أوراق الورد» و«رسائل الأحزان»

احمد شوقي
ابراهيم ناجي
أمير الشعراء "شوقي" والشاعر الرومانسي "إبراهيم ناجي" كلاهما يثأثئ ويتلعثم. وكانا ألطف الناس وأحبهم للناس أيضاً.

ستيفن هاوكنغ
العالم الفيزيائي الكبير "ستيفن هاوكنغ" كان مشلول الحركة والنطق يتحرك على كرسي متحرك أما عقله فمن أروع العقول. حاز اكبر منصب أكاديمي له، وهو كرسي الرياضيات، وهو الكرسي الذي كان يشغله العالم الشهير نيوتن في جامعة كمبريدج. وقد أصدر عدداً من الكتب المفيدة منها: «تاريخ موجز للزمن» و«كتاب ثقوب سوداء». وقد تزوج وأنجب.

سارة برنار
سيدة المسرح الفرنسي "سارة برنار" كانت بساق واحدة، وكانت تهز المسرح والمتفرجين؛ وتحب الناس ويحبونها.

ثرفانتس
الأديب الإسباني "ثرفانتس" مؤلف «دون كيخوته» فقد ذراعه اليسرى في الحرب.

أوغست رينوار
"أوغست رينوار" الرسام الفرنسي الشهير أصيب بداء الروماتيزم الشديد، وأصبح يمشي على عكاز، وكان لا يستطيع أن يمسك شيئاً بأصابعه، مما يجعله يربط ريشة الرسم بأصابعه؛ وكان من أنصار المدرسة الانطباعية، له لوحات رائعة في متحف اللوفر، وعدد من الصور في ايطاليا واسبانيا وأميركا. 

الرئيس الأمريكي روزفلت
الرئيس الأمريكي "روزفلت" والذي أصيب بشلل الأطفال وكان يتحرك على مقعد له عجلات، كان أعظم رؤساء أمريكا والذي حكمها 12 عاماً وهو على الكرسي.

هنري ده تولوز- لوتريك.
الرسام الشهير "لوتريك" كان أعرج.. وكان خفيف الظل ممتع الحديث.

بيتهوفن
الموسيقار "بيتهوفن" أصيب بالصمم في شبابه! ومع ذلك فقد أبدع في مجال التأليف الموسيقي، بل وألف أروع مقطوعاته بعد إصابته بالصمم، ثم أصيب بعد ذلك بعدة أمراض مزمنة، ولكنها لم تعقه عن مواصلة ما يطمح إليه ؛ ولم يتوقف تدفق إبداعه؛ والشيء الوحيد الذي كان يعذبه هو أن يرى الناس تموج وتتحرك وتصفق؛ ولا يعرف إن كان إعجاباً به أو احتجاجاً عليه..! كما كان يعلق.

لويس برايل
"لويس برايل" الكفيف، الذي اخترع طريقة برايل للمكفوفين. 
 - صندوق برايل : حيث يعتبر الأداة الأساسية لتعليم الطفل الكفيف في بداية حياته المدرسية على معرفة أحرف برايل والتمييز بينها وكتابتها باستخدام اللمس.
- لوح برايل ويعتبر أكثر تطورا من الصندوق وأكثر استخداماً وخصوصاً في مراحل التعليم المتوسط والثانوي بينما يستخدم صندوق برايل في المرحلة الابتدائية.

مارسيل بروست
"مارسيل بروست" الأديب والكاتب الفرنسي المشهور، الذي أصيب بمرض الربو والحساسية، وكانت صحته ضعيفة جداً، درس الحقوق في جامعة باريس، وكان فيلسوفاًً بارعاً، أحدث تأثيراً كبيراً في مسار الرواية الحديثة؛ مع أنه كان يلزم غرفته، ويكتب وهو على فراشه لا يجاوزه.

تيد رمل
"تيد رمل" الجراح المصاب بشلل نصفي ولكن ذلك لم يعيق عمله في المستشفى.. ولم يمنعه الكرسي المتحرك من إجراء العمليات للمرضى.

فالمؤكد أن هؤلاء كانوا عظماء على عاهتهم؛ وكانوا جبابرة على أنفسهم ويسهرون ويغرقون ويأرقون ليتفوقوا بنقصهم على أقرانهم الأصحاء.
إذاً عند التفكير في هذه الجملة، بالماضي الذي قرآناه، وبالواقع الذي نراه، نجد أن كل ذي عاهة جبار يستطيع انجاز كل شيء برغم إعاقته، فمثلاً الذي يولد بدون ذراعين، ترى أنه رسام عظيم منهم شارل فيلو البلجيكي، ومع ذلك أصبح أكثر فناني اللوحات الفنية الرائعة، وكان يصافح الملوك والرؤساء برجله اليمنى، فأصبح من كل ذي إعاقة المفكر والفنان والعالم والأديب.


أوسكار بيستوريوس

الإصرار يستطيع منح الإنسان القدرة على عمل أي شيء، مثل "أوسكار بيستوريوس" عداء جنوب إفريقيا، فبالرغم من أنه لم يكن له قدمان، إلا أنه حصل على ألقاب عديدة في منافسات الجري.

العاهة الحقيقية هي أن يحكم الإنسان على الأشياء من وجهة نظره الرجعية، ولهذا لا ينجز شيئًا مفيدًا، لأن العاهة الحقيقية هي إعاقة العقل لأنها تؤدي إلى إعاقة مجتمع بأكمله.

مع أنني لا أحبذ كلمة عاهة؛ لأنها كلمة فيها إحراج وإساءة لحاملها؛ وإجحاف بحقهم، فكم من صحيح الجسم البارحة أصيب اليوم بمرض أقعده أو خسر أحد أعضائه. فهل يعطينا الحق بإهانته أو العيب فيه؛ مع العلم أن السخرية، لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق، متحل بكل خلق ذميم، فهل يعطينا الحق أن يعب بعضنا بعض؛ وما هي الفائدة التي نجنيها.
وأين نحن من قوله تعالى: " وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ "   أي: لا يعب بعضكم على بعض.
وإذا اعتبرنا أن النقص عاهة؛ فمن منا كامل؛ فالكمال لله وحده، والعاهة ليست قاصرة فقط على فقد عضو من أعضاء الجسم أو فقد حاسة من الحواس؛ فقد تكتمل كل الأعضاء وكل الحواس في الإنسان، ومع ذلك فهو من ذوي العاهات..! 
أليس الجهل مثلاً عاهة تصيب الإنسان؟ 
أليس الغباء عاهة تصيب الإنسان؟ 
أليس البخل عاهة تصيب الإنسان؟ 
أليس النفاق عاهة تصيب الإنسان؟
أليس الكذب عاهة تصيب الإنسان؟
أليس الغدر عاهة تصيب الإنسان؟
أليست الخيانة بكل أنواعها عاهة تصيب الإنسان؟
هذه وغيرها برأيي هي العاهات التي يجب أن نخجل بحملها بين جنبينا، وهي ما يجب أن تعاب في أي شخص يرضاها على نفسه.


هناك 3 تعليقات:

  1. المقصود بكل ذي عاهة جبار هم بعض الاشخاص من كان طبيعيا في ما مضى ثم تعرض لحادث او شيء اخر جعله مقعد او افقده احد حواسه منهم من يتكيف مع وضعه ويتاقلم ويكمل حياته بشكل طبيعي ومنهم من يوصاب بمرض نفسي يجعله يلقي الوم على الاخرين ويصبح فظ وصعب التعامل معه هؤلاء بحاجة لي راعية نفسية واجتماعية من اجل اعادتهم الى المجتمع بشكل طبيعي ويتجوزون هذه المحنة او العاهة

    ردحذف
  2. ما علاقة العاهة بالتفوق العلمي أو البراعة في العمل ... المقولة تعني التعامل مع الناس و الاحقاد وانا واحدة ممن يعانون من ذلك للأسف اتعامل مع بعض منهم بإحسان و القى الحقد و الإيذاء ... حسبي الله ونعم الوكيل

    ردحذف
    الردود
    1. ما صحه حديث كل ذي عاهه جبار واشدهم الاعرج

      حذف