20‏/05‏/2014

الرسوم المتحركة الكرتونية


ما هي الرسوم المتحركة؟




الرسوم المتحركة أو أفلام الكرتون أو الرسوم الهزلية هي عبارة عن اجتماع مجموعة من الصور التي تعرض بالتتالي وبسرعة على آلة العرض, لتوهم العين على أن الأشكال المرسومة وكأنها تتحرك.

حركات جسم الإنسان عند المشي
بداية فكرة الصور المتحركة
ما كاد الانجليزي "بيتر مارك روجيت" يعلن نظريته "خاصية استمرارية الرؤية في العين" في سنة 1824 والتي تقول: أن العين تحتفظ بانطباع عن الصورة بعد زوالها لمدة 1/10 ثانية، فإذا تم عرض سلسلة متتابعة من الصور الثابتة لحظياً وكان هناك اختلاف بسيط في حركة الشخص أو الشيء المصور في أي صورة عن الصورة التي قبلها، فإن المتفرج يحس بأن الحركة متصلة وطبيعية, وذلك إذا تم اختيار السرعة المناسبة لتتابع الصور؛ حتى سار التقدم بخطوات سريعة ومباشرة نحو الصور المتحركة وعرض الصور.
وهنا بدأ العلماء في أوروبا يضعون هذه النظرية موضع التجربة وكانت مخترعاتهم تشبه لعب الأطفال من اسطوانات دوارة إلى قطع نقود تلف حول نفسها إلى كتيبات تملأ صفحاتها بالصور وتقلب هذه الصفحات بالأصبع؛ إلا أن هذه اللعب لم تلبث أن أكدت بسرعة صدق فكرة "روجيت" وهي أن هناك خاصية غريبة في عين الإنسان تجعل الصور تبقي جزءاً بسيط من الثانية على شبكية العين أطول من الفترة التي ظهرت فيها هذه الصور فعلاً أمام العين، ولعل أبسط مثال لهذه النظرية: تتمثل في الصورة المرسوم على أحد وجهيها طائر وعلى الوجه الآخر قفص, فإذا تم تدوير الصورة على محورها الأفقي بسرعة، فسنرى صورة الطائر وهو داخل القفص.

قفص وطائر عند التدوير يبدو الطائر داخل القفص
ففي سنة 1825 قام الباحث الفرنسي الدكتور "باريس "J.A.Paris بصنع أول لعبة تطبيقاً على نظرية خاصية استمرارية الرؤية في العين  عرفت باسم " ثاوماتروب "Thaumatrope  وهي تتكون من قرص دائري من ورق كرتون سميك توضع على أحد سطحيه صورة لطائر, وعلى السطح الخلفي توضع صورة قفص من السلك، ويربط طرفا القرص بقطعتين من المطاط, وبشد المطاط من كلتا الجانبين يتم دوران القرص بسرعة تبعاً لذلك ويتكامل الرسمان اليدويان معاً، وتبدو صورة واحدة للموضوعين, فيظهر للعين وكأن الطائر محبوس داخل القفص، والتفسير العلمي لذلك هو تطبيق نظرية استمرارية الرؤية, فتتابع صورة العصفور بعد القفص في الفترة الزمنية سالفة الذكر 1/10 من الثانية تجعلنا نحس بدخول العصفور داخل القفص.
هكذا أصبح للرسوم المتحركة أسلوب فني مستقل بذاته يقوم فيها المنتج بإعداد رسوم الحركة عوضاً من تصويرها بآلة التصوير كما تظهر في الواقع، ويتطلب إنتاج الرسوم المتحركة عملاً متتالياً ومتسلسلاً، وتصوير حركة بحركة عكس الأفلام الوثائقية، وتستخدم الرسوم المتحركة في إنتاج الأفلام القصيرة إضافة إلى الدعاية المركزة والمستهدفة؛ كما تستخدم في إيصال الأفكار الصعبة والتي يصعب شرحها مادياً، ويمكن الجمع أيضاً بين الرسوم المتحركة ومشاهد الحركة الحقيقية التي يتم تصويرها سينمائياً. 

تاريخ التصوير الحركي
حاول الإنسان منذ القدم فهم ظاهرة الحركة, وتجلت هذه المحاولات في إيجاد رسوم في الكهوف والتي كانت غالباً ما تصور الحيوانات بأرجل متعددة في أوضاع مركبة وهذه هي محاولة واضحة من الإنسان القديم لتوصيل التصوير الحركي.

المحاولات الأولى لتصوير الحركة

بداية مونتاج الرسوم المتحركة

قبل البدء في إنتاج رسوم متحركة تم صنع ألعاب تقوم بعرض مجموعة صور على أشكال مختلفة مثل لعبة "الفيناكسيسكوب" وهي لعبة على شكل دائري والذي اخترعه "بلاتي" عام 1832 ويتركب من قرص من الكرتون مثبت على خلفيته عمود, ورسم على محيطه الخارجي رسوم متتابعة لحركة حصان؛ كما فرغ بمحيطه الداخلي فتحات طولية تواجه الرسوم، وبإدارة القرص أمام المرآة يمكن للرائي أن يرى حركة جري الحصان عن طريق الصورة المعكوسة من المرآة خلال الفتحات الطولية، ويعتبر هذا الجهاز هو الأساس الأول للرسوم المتحركة.


لعبة الفيناكسيسكوب

ثم تتابع اختراع الكثير من هذه الآلات التي تدار باليد وترسم عليها أشكال ليتفرج عليها الشخص كفيلم قصير لتكون هذه بداية التفكير في السينما التي توالت الاكتشافات بعدها إلى الأفلام الصامتة لتوماس أديسون الذي تمكن من صنع أول فيلم في التاريخ وهو عرض لمجموعة من الصور لرجل يعطس.
وفي القرن التاسع عشر اختراع جهاز يسمي adidaleom من طرف ويليام جورج سنة 1834 وهو عبارة عن آلة اسطوانية الشكل يتم تزويدها بصور ورسوم متتالية, وعندما يدير المشاهد الآلة؛ يشاهد من خلال ثقوب موجودة فيها؛ تعاقب صور، فتبدو بأن عناصر الصورة بها حركة, وقد مكن هذا الجهاز من التمهيد للدخول في عالم صناعة أفلام الرسوم المتحركة.

جهاز صندوق العجائب
ويرجع ظهور المحاولات المبكرة لإنتاج الرسوم المتحركة إلى بداية عام 1899 حيت قام البريطاني "آرثر" بإنتاج سلسلة من تشكيلات أعواد الكبريت على إطارات منفصلة على سبيل الدعاية لإحدى الشركات التجارية, تم تلاه الفرنسي "ايميل كول" "Emile Cohl" بإنتاج فيلم رسوم متحرك صامت بالأسود والأبيض وقد كان "ايميل كول" المصور الفرنسي من المتربعين على عرش هذا المجال، ويعتبر أبو أفلام الرسوم المتحركة وصاحب فكرتها، فقد أنتج مابين سنة 1908 و 1918 حوالي 200 فيلم، وفيلمه القصير "الأوهام Fantasmagorie" يعتبر أول فيلم للرسوم المتحركة وقد أطلق هذا الفيلم في 17 أغسطس عام 1908 وهو مكون من 700 صورة ثابتة تم رسمها بالتتابع.


وفي سنة 1911 قام الشهير "ونسور ماكي" بعرض أول إنتاجاته في مجال الرسوم المتحركة والمسمى "نيمو الصغير" في نيويورك.
أما أشهر أعماله فهو الديناصور "جيرتي" وهو فيلم قصير أنتج سنة 1914، وقد نجح "ماكي" في إنتاج أفلام عالية الجودة بشخصيات تميزت بمرونة في الحركة وسمات سلوكية واضحة؛ مما أسهم في إبداع الأساليب التقنية، ومؤثرات الإقناع الحسي التي قامت عليها معايير الجودة التشخيصية لأفلام الرسوم المتحركة، وأصبحت أعماله ذات تأثير على إنتاج أفلام الرسوم المتحركة لأنها اشتهرت بانسياب حركتها، ومستوى رسوماتها ذات الجودة العالية، والحس المرهف بالكتلة، إضافة إلى السمات الذاتية الفريدة للشخصيات في هذه الأفلام.

الديناصور جيرتي
وفي سنة 1914 ميلادية ابتكر "جون راندولف بريي" وهو منتج أمريكي في عالم الرسوم المتحركة طريقة تتمثل في إدخال الأنظمة الانسيابية على عملية إنتاج الرسوم المتحركة, وبهذا الابتكار انخفضت تكاليف الإنتاج إضافة إلى سرعة الإنتاج، وانضم "بريي" فيما بعد إلى فنان الرسوم المتحركة الأمريكي "آيرل هيرد" مخترع أسلوب لوحات السيلولوز؛ ليوحدا مجهوديهما في مجال الإنتاج، وقد أحدث اتحادهما طفرة كبيرة في المجالات التقنية للرسوم المتحركة.
وبحلول عام 1915م شرعت معامل تصوير السينما الأمريكية في إنتاج العديد من المجموعات المسلسلة لأفلام الرسوم المتحركة مسندة بطولة كل سلسلة إلى شخصية من الشخصيات المألوفة، وقد قام الرسام المتقاعد للرسوم الهزلية يُدعى "ماكس فليتشر" بابتكار شخصيات "كوكو البهلوان" و "بيتي بوب" و "البحار بوب آي"  كما ابتكر رسام متقاعد آخر يُدعى "بات سوليفان" سلسلة "القط فيليكس" واشتهرت أيضاً شخصية "كولونيل هيزا لاير" و "كريزي كات" و "مَطْ وجف" ضمن ما اشتهر من شخصيات للرسوم الهزلية، وكان بعضها قد ظهر في صفحات الرسوم الهزلية الصحفية.
وفي الوقت الذي اهتم فيه منتجو الرسوم الأمريكيين بالجوانب التشخيصية؛ اهتم نظائرهم الأوروبيين على تحديث الجوانب التقنية للرسوم المتحركة, حيت قام "لوت ربنيجر" باستخدام الأشكال ذات اللون الأسود على خلفية مضاءة.

تطور صناعة الرسوم المتحركة
تم إطلاق أول فيلم كارتون في العام الذي أنشأت خلاله شركة "والت ديزني" التي قامت بإصدار أول فيلم لها سنة 1923 وهو العام الذي أنشأت فيه وكان عبارة عن رسوم متحركة صامتة وهو ما كان يعرف بمرحلة الإنتاج الصامت بوالت ديزني وكان اسم الفيلم "أليس في بلاد العجائب" وذلك كان في عام 1923 ثم قامت بعد ذلك في عام 1928 بتقديم فيلم "ميكي ماوس" و "السيمفونيات المضحكة".

والت ديزني
أليس في بلاد العجائب في عام 1923
ميكي ماوس في عام 1928
ومع مرور السنوات تطور إنتاج الرسوم المتحركة ليتم دمج الصوت معها، وقد أعطى هذا الأمر ميزة للأمريكي "والت ديزني" أحد أشهر رواد إنتاج الرسوم المتحركة الذين عرفهم التاريخ, فقد كان هذا الأخير رساماً بالفطرة, الأمر الذي كان سبباً في نجاحه، فقد حقق سنة 1920 نجاح بين الجماهير بسبب أفلامه التي لا تتعدى الدقيقة.
ومن ثم أنتج فيلم "ستيمبوت ويلي" سنة 1928ميلادية، كأول الأعمال الناطقة من أفلام الرسوم المتحركة.


إضافة إلى العديد من الأعمال التي جعلته موضع إعجاب من طرف العامة، فكان الفنان رقم واحد بالولايات المتحدة الأمريكية, وفي سنة 1937م أقدم على إنتاج بيضاء الثلج كأول فلم كرتوني طويل.


بياض الثلج

إضافة إلى العديد من الأعمال التي جعلته موضع إعجاب من طرف العامة، فكان الفنان رقم واحد بالولايات المتحدة الأمريكية, وفي سنة 1937م أقدم على إنتاج بيضاء الثلج كأول فلم كرتوني طويل.


توم وجيري

وفي بداية الأربعينيات من القرن 20 انفصل عدد كبير من الفنانين عن معامل ديزني لينأي كل شخص بأسلوبه.
وفي منتصف الخمسينيات بدأت أول التجارب لإنتاج الرسوم المتحركة على الحواسيب، وقد عرفت نجاحاً منقطع النظير. 
وفي الستينيات ازداد إنتاج أفلام الرسوم المتحركة إضافة إلى الإعلانات التلفزيونية بالحواسيب.
ومع تتالي السنوات وتطور التقنيات والاعتماد على الحواسيب تلاشت الحواجز القائمة بين الواقع الحي للفيلم والرسوم المتحركة، وبذلك أصبحت الرسوم المتحركة تشد أنظار الأطفال مروراً بالكبار لما تصوره من عالم خاص وخيالي.

أنواع الرسوم المتحركة

كيفية صناعة الرسوم المتحركة
التقنيات المستعملة قديماً
استخدمت في صناعة الرسوم المتحركة العديد من الأساليب والتقنيات؛ بعضها انتشر وعرف نجاحاً باهراً، والبعض الآخر بقي في طي الكتمان ولم تري النور.
غير أن الشيء الذي يجمع بين كل تلك الطرق القديمة أنها كانت صعبة ومتعبة للغاية.

الطريقة الأولى: الرسوم الورقية


وهذه الطريقة تتم عن طريق الاعتماد على وسيلة في غاية البساطة تُعرف باسم دفتر التصفح السريع وهو مجموعة من الرسوم التخطيطية (الاسكتشات) في صفحات متتالية، كل واحدة فوق الأخرى في تسلسل واضح، فإذا تم تقليب هذه الصفحات بحركة سريعة خاطفة، بدت الرسوم وكأنها تتحرك.
وهي أكثر الطرق التقليدية انتشاراً واستعمالاً لصناعة الرسوم المتحركة, وقد يحتاج إنتاج فلم واحد آلاف من الصور المنفصلة, وقد يستغرق إنهائه حوالي سنتين من العمل, وقد تم بهده الطريقة إنتاج فلم بيضاء الثلج والأقزام السبعة 1937م من طرف الفنان والت ديزني، وفيلم بينوشيو 1940م، وهذا المقطع من الفيديو يُبِّين هذه الطريقة التقليدية.


الطريقة الثانية: الرسم على الشريط


الرسم على الشريط
في هذه الطريقة كانت الأمور أكتر سهولة غير أنها تفتقر إلى الدقة والجمالية, وتعتمد فكرة هده الطريقة بأن يقوم الفنان برسم كل حركة في إطار في ظل تسلسل واضح من شريط الفيلم.

الطريقة الثالثة: القصاصات المتحركة

القصاصات المتحركة
يقوم فيها الفنان برسم شخصياته علي ورق مقوي بحيث تكون كل شخصية بعزلة عن الأخرى ليسهل تحريكها, ثم يتم تثبيت كل شخصية على حدا في وضعية قابلة للحركة, ثم يلتقط صورة لهذه الوضعية باستعمال كاميرا مخصصة لمثل هذه الأغراض، ثم يحرك الشخصيات حركة بسيطة ثم يلتقط صورة لها وهكذا حتى ينهي عمله.

الطريقة الرابعة: المجسمات 

المجسمات
هده الطريقة تختلف عن نظيراتها 3d وتعني أنها ثلاثية الأبعاد, فالشخصيات هنا عبارة عن مجسمات, وهي من الناحية العملية أصعب قليلاً, نظراً لقابلية كل جزء من الجسم للحركة, وقد تم تطوير هذه الطريقة بحيث أصبحت المجسمات متمفصلة لكي يسهل تثبيتها في جميع الوضعيات ومع اختلاف الوضعيات تظهر حركات المتكررة للمجسمات.
غير أنه وفي الستينيات من هذا القرن أصبحت كل هذه الطرق من الماضي بسبب بروز الحاسوب الآلي الذي سهل العمل على الفنانين.


برامج تصميم الرسوم المتحركة
مع التزايد المستمر وتنامي التقنية والطلب المتزايد أصبحت برامج صنع الرسوم المتحركة الملاذ الوحيد لمنتجي الرسوم نظراً لما توفره من الجهد إضافة إلى سرعة الإنتاج وانخفاض التكاليف.

1- القصاصات 


تتميز هده الطريقة بأنه لا يلزمك الخبرة في الرسم ولكنها تحتاج لألف من الصور الجاهزة بصيغة gif وتعتمد هذه الطريقة على دمج مجموعة من الصور ببرنامج معين لصنع أحد المشاهد.

2-التحريك اليدوي


هذه الطريقة هي تقليدية الأصل حيث أن الأمر كان يعتمد على رسم جزء صغير من الحركة، والاختلاف بينها وبين التقنية الحديثة أن رسم جزء من الحركة أصبح بالحاسب الآلي.

3- الانتقال البياني


قد يبدو للوهلة الأولى أن هده الطريقة صعبة, لكن على العكس فهذه الطريقة سهلة جداً حيث أنها تعتمد على خاصية Motion وهي معروفة في بعض البرامج الخاصة بالتحريك مثل الفلاش، وتتميز هذه الأخيرة بالبساطة والسهولة, فلا يلزمك سوى تحديد نقطة البداية والنهاية وتترك البرنامج يصمم الحركة, لكن هذه الطريقة لها عيوب مثل المحدودية والتقيد بالبرنامج.

4- النمذجة 3D 


أصعب الطرق وأفضلها من ناحية النتائج, فبهذه الطريقة يتم تصميم الشخصيات بأبعاد ثلاثية بحيث يصعب تميز الواقع من الخيال، وتحتاج إلى خبرة طويلة في مجالها.



ويمكن إنشاء الرسوم المتحركة بطريقة بسيطة وعملية ودون الاعتماد على أي وسائل تقنية وهي الدفتر.


نعم بالدفتر فقط وذلك عن طريق رسم مجموعة من الصور المتسلسلة والمترابطة بحيث يتم وضع كل رسم فوق الآخر, فإذا تم تحريك الصفحات بطريقة التقليب تبدو عناصر الصور بها حركة.

الرسوم المتحركة وأثرها على تنشئة الأطفال
يلعب الإعلام في عصرنا دوراً هاماً في صياغة الأفراد والمجتمعات، ذلك أنه أصبح أداة التوجيه الأولى التي تَرَاجَع أمامها دور الأسرة وتقلص دونها دور المدرسة، فأصبحت الأسرة والمدرسة في قبضة الإعلام، يتحكم فيها توجيهاً للأدوار ورسماً للمسار، ولما كان التلفاز يقدم المادة المرئية والمسموعة والمقروءة معاً كان أكثر وسائل الإعلام نفيراً، وأعظمها تأثيراً، ولما كانت الطفولة ناشدة للهو والترفيه، قابلة للانقياد والتوجيه، وجدت في التلفاز بديلاً مؤنساً عن والدين مشغولين، فأصبحت مشاهدة التلفزيون ثاني أهم النشاطات في حياة الطفل بعد النوم، ومن هنا كان لا بدّ من دراسة أثر الرسوم المتحركة "أفلام الكرتون" على الأطفال لأنها لا تأتي فقط من كونها تشكل النسبة الأعلى لما يشاهدونه، بل تأتي كذلك لشدة حرصهم على متابعتها، ولزيادة ولعهم بتقليد أبطالها، ومن هنا تعمل الرسوم المتحركة عملها في تلقين الطفل أكبر ما يمكن من معلومات، فالطفل يأخذ ويتعلم ويتفاعل بسرعة مذهلة؛ فحصيلة ما يتلقفه الطفل من معلومات خلال السنين الأولى أي بعد الفطام حتى سن البلوغ أي حتى العمر الرابعة عشرة؛ تفوق كل ما يتلقاه بعد ذلك من علم ومعرفة بقية عمره مهما امتد عشرات السنين، وإذا وضعنا هذا في الحسبان، فلا عجب أن يعتبر كثيرٌ من علماء الاجتماع تجارب الطفولة محدداً أساسياً من محددات السلوك البشري. 


أولاً: إيجابيات مشاهدة الرسوم المتحركة
إن مشاهدة الرسوم المتحركة تفيد الطفل في جوانب عديدة، أهمها أنها: 
1-  تنمي خيال الطفل، وتغذي قدراته، إذ تنتقل به إلى عوالم جديدة لم تكن لتخطر له ببال، وتجعله يتسلق الجبال ويصعد الفضاء ويقتحم الأحراش ويسامر الوحوش، كما تعرفه بأساليب مبتكرة متعددة في التفكير والسلوك. 
2- تزود الطفل بمعلومات ثقافية منتقاة وتسارع بالعملية التعليمية، فبعض أفلام الرسوم المتحركة تسلط الضوء على بيئات جغرافية معينة، الأمر الذي يعطي الطفل معرفة طيبة، ومعلومات وافية، والبعض الآخر يسلط الضوء على قضايا علمية معقدة كعمل أجهزة جسم الإنسان المختلفة بأسلوب سهلٍ جذاب، الأمر الذي يكسب الطفل معارف متقدمة في مرحلة مبكرة، 

كمسلسل كان يا مكان الحياة، وهو مسلسل كرتوني طبي فرنسي مدبلج للغة العربية معلوماته كلها صحيحة وهو يتحدث عن الجسم وأعضائه بأسلوب علمي وشيّق. 

أما الشخصيات الرسومية الخيالية التي تُحاكي كريات الدم الحمراء كالناس باللون الأحمر وكريات الدم البيضاء كرجال الشرطة والجراثيم كالديدان الصفراء، والغبار كالكرات المسننة وغيرها فهي للتبسيط وللتوضيح وللتسهيل والتيسيرعلى الأطفال لفهم الموضوع. 

كما أن المسلسل مناسب لجميع الأعمار - والمسلسل من انتاج فرنسي حائز على عدة جوائز عالمية وترجم لعدة لغات ومنها العربية.
 –  وفي هذه الحلقة شرح لعملية الولادة.




3- تقدم للطفل لغة عربية فصيحة على الأغلب، لا يجدها في محيطه الأسري مما ييسر له تصحيح النطق وتقويم اللسان وتجويد اللغة، وبما أن اللغة هي الأداة الأولى للنمو المعرفي فيمكن القول بأن الرسوم المتحركة من هذا الجانب تسهم إسهاماً مقدراً غير مباشر في نمو الطفل المعرفي، وتلبي بعض احتياجات الطفل النفسية وتشبع له غرائز عديدة مثل غريزة حب الاستطلاع؛ فتجعله يستكشف في كل يوم جديداً، وغريزة المنافسة والمسابقة تجعله يطمح للنجاح ويسعى للفوز. 

ثانياً: سلبيات مشاهدة الرسوم المتحركة
لكل شيء وجهان لهذا فإن للرسوم المتحركة وجه آخر فكما لها إيجابيات فلها سلبيات ومن هذه السلبيات:
1- التلقي لا المشاركة ذلك أن التلفاز يجعل الطفل يفضل مشاهدة الأحداث والأعمال على المشاركة فيها. 
2 - إعاقة النمو المعرفي الطبيعي ذلك أن المعرفة الطبيعية هي أن يتحرك طالب المعرفة مستخدماً حواسه كلها أو جلها، ويختار ويبحث ويجرب ويتعلم، لكن التلفاز يقدم المعرفة دون اختيار ولا حركة، كما أنه يكتفي من حواس الطفل بالسمع والرؤية، ولا يعمل على شحذ هذه الحواس وترقيتها عند الطفل، فلا يعلمه كيف ينتقل من السماع المباشر للسماع الفعّال، من الكلمات والعبارات إلى الإيماءات والحركات، ثم إلى الأحاسيس والخلجات. 
3- الإضرار بالصحة وذلك لأن الجلوس لفترات طويلة واستدامة النظر لشاشة التلفاز لها أضرارها على جهاز الدوران والعينين. 
4- تقليص درجة التفاعل بين أفراد الأسرة لأن انغماس أفراد الأسرة كبيرها وصغيرها في مشاهدة برامج التلفزيون المخصصة للتسلية تجعلهم يتوقفون حتى عن التخاطب معاً. 
5- إن كون الرسوم المتحركة موجهة للأطفال لم يمنع دعاة الباطل أن يستخدموها في بث أفكارهم، وللتدليل على ذلك نذكر مثال الرسوم المتحركة الشهيرة التي تحمل اسم "آل سيمسونز The Simpsons لصاحبها مات قرونينق Matt Groening، الذي صرّح أنه يريد أن ينقل أفكاره عبر أعماله بطريقة تجعل الناس يتقبلونها، وشرع في بث مفاهيم خطيرة كثيرة في هذه الرسوم المتحركة منها: رفض الخضوع لسلطة الوالدين أو الحكومة وأن الأخلاق السيئة والعصيان هما الطريق للحصول على مركز مرموق، أما الجهل فجميل والمعرفة ليست كذلك، بيد أن أخطر ما قدمه هو تلك الحلقة التي ظهر فيها الأب في العائلة Homer Simpson وقد أخذته مجموعة تسمي نفسها "قاطعي الأحجار" عندما انضم لهم الأب، وجد أحد الأعضاء علامة في الأب رافقته منذ ميلاده، وهذه العلامة جعلت المجموعة تقدسه وتعلن أنه الفرد المختار، ولأجل ما امتلكه من قوة ومجد، بدأ Homer Simpson يظن نفسه أنه الرب حتى قال: "من يتساءل أن هناك رباً، الآن أنا أدرك أن هناك رباً، وأنه أنا"، ربما يقول البعض: أن هذه مجرد رسوم متحركة للأطفال تسلية غير مؤذية، لكن تأثيرها على المستمعين كبير مما يجعلها حملة إعلامية ناجحة تلقن السامعين أموراً دون شعورهم، وهذا ما أقره صانع هذه الرسوم المتحركة".

كذلك تعمد بعض الرسوم المتحركة إلى السخرية من العرب والمسلمين، ومثال ذلك بعض حلقات برنامج الرسوم المتحركة المعروف باسم "سكوبي دو Scobby Doo " والمملوك لـ William Hanna و Joseph Barbera الذَين طبّقت شهرتهما الآفاق بعد نجاح رسومهما المتحركة "توم أند جيري"، في إحدى الحلقات "يفاخر ساحر عربي مسلم عندما يرى اسكوبي بقوله: "هذا ما كنت أنتظره تماماً، شخصٌ أمارس سحري الأسود عليه"، ويبدي الساحر المسلم رغبته في تحويل سكوبي إلى قرد، لكن السحر ينقلب على الساحر ويتحول الساحر نفسه إلى قرد، ويضحك سكوبي وهو يتحدث مع نفسه قائلاً: "لا بد أن ذلك الساحر المشوش ندم على تصرفاته العابثة معنا". 
مرة أخرى في حلقة "سكوبي دو" تقوم مومياء مصرية بمطاردة سكوبي ورفاقه، ويرتابون في أن المومياء نفسها حولت صديقهم الدكتور نسيب العربي المسلم إلى حجر، وفي النهاية يستميل سكوبي المومياء ويلقي بها في إحدى شباك كرة السلة، ولكن عندما يكشف النقاب عن المومياء يجد أنها لدهشة سكوبي لم تكن مومياء بل الدكتور نسيب نفسه الذي أراد سرقة قطعة عملة ثمينة من سكوبي متنكراً في زي مومياء، أي أن سكوبي يريد إنقاذ مسلم يود سرقته، لقد بلغ المسلم هذا الحد من الرداءة ". 
6- أن من أكثر الموضوعات تناولاً في الرسوم المتحركة الموضوعات المتعلقة بالعنف والجريمة، ذلك أنها توفر عنصري الإثارة والتشويق الذَيْن يضمنا نجاح الرسوم المتحركة في سوق التوزيع، ومن ثم يرفع أرباح القائمين عليها، غير أن مشاهد العنف والجريمة لا تشد الأطفال فحسب، بل تروّعهم، ثم يعتادون عليها تدريجياً، ومن ثم يأخذون في الاستمتاع بها وتقليدها، ويؤثر ذلك على نفسياتهم واتجاهاتهم التي تبدأ في الظهور بوضوح في سلوكهم حتى في سن الطفولة، الأمر الذي يزداد استحواذاً عليهم عندما يصبح لهم نفوذ في الأسرة والمجتمع، وقد أكدت دراسات عديدة أن هناك ارتباطاً بين العنف التلفزيوني والسلوك العدواني، ومن اللافت للنظر اتفاق ثلاثة أساليب بحثية هي: الدراسة المختبرية، والتجارب الميدانية، والدراسة الطبيعية على ذات النتيجة العامة، وهي الربط بين العدوان ومشاهدة التلفزيون حيث يتأثر الجنسان بطرق متشابهة، وقد عانت المجتمعات الغربية من تفشي ظاهرة العنف، ونقلت وسائل الإعلام ولا تزال تنقل أخبار حوادث إطلاق النار في المدارس، والسبب كما أخبر مراهق روماني اختطف طفلاً عمره 11 عاماً وضربه حتى الموت هو مشاهدة شيء مشابه على شاشة التلفزيون. 
7- إشباع الشعور الباطن للطفل بمفاهيم الثقافة الغربية فعندما يشاهد الطفل الرسوم المتحركة لا يشاهد عرضاً مسلياً يضحكه ويفرحه فحسب بل يشاهد عرضاً ينقل له نسقاً ثقافياً متكاملاً يشتمل على أفكار الغرب: إن الرسوم المتحركة المنتجة في الغرب مهما بدت بريئة ولكنها تحوي دائماً صراعاً بين الذكاء والغباء، كقصص توم وجيري، أما الخير والشر فلا مكان لهما وهذا انعكاس لمنظومة قيمية كامنة وراء المنتج، وكل المنتجات الحضارية تجسد التحيز، والرسوم المتحركة في أكثر الأحيان تروج للعبثية وغياب الهدف من وراء الحركة والسلوك، كما تعمل على تحريف القدوة وذلك بإحلال الأبطال الأسطوريين محل القدوة بدلاً من الأئمة المصلحين والقادة الفاتحين، فتجد الأطفال يقلدون الرجل الخارق Super man ، والرجل الوطواط Bat man ، والرجل العنكبوت Spider man ، ونحو ذلك من الشخصيات الوهمية التي لا وجود لها، فتضيع القدوة في خضم القوة الخيالية المجردة من بعدٍ إيماني. 
8- وإن تجاوزنا عن ترويج الرسوم المتحركة للأفكار الغربية، فلا مجال للتجاوز عن نقلها لروح التربية الغربية، يقول الدكتور وهبة الزحيلي: أما برامج الصغار وبعض برامج الكبار فإنها تبث روح التربية الغربية، وتروج التقاليد الغربية، وترغب بالحفلات والأندية الغربية ذلك أنها لا تكتفي بنقلها للمتعة والضحكة والإثارة بل تنقل عادات اللباس من ألوان وطريقة تفصيل وعري وتبرج، وعادات الزينة من قصة شعر وربطة عنق، ومساحيق تجميل، وعادات المعيشة من ديكور وزخرفة، وطريقة أكل وشرب، وثمل ونوم وحديث وتسوق ونزهة، وعادات التعامل من عبارات مجاملة واختلاط، وعناق وقبلات، ومخاصمة وسباب وشتائم، ونحو ذلك من بقية مفردات النسق الثقافي الغربي، وهذا النسق الثقافي المغاير يتكرر أمام الطفل كل يوم فيألفه ويتأثر به، ويطبقه في دائرته الخاصة حتى إذا ما تكاملت شخصيته لم يجد منه فكاكاً فصار نهجاً معلناً ورأياً أصيلاً لا دخيلاً؛ كيف لا؟ وقد عرفه قبل أن يعرف الهوى فصادف قلباً خالياً فتمكنا فلا يجد حرجاً في الدفاع عنه والدعوة إليه بل والتضحية من أجله. 
9- الآثار سلبية للرسوم المتحركة ذات الإيقاع السريع وهذا ما جاء في التحذير الذي أطلقته مجموعة من الباحثين الأمريكيين استناداً إلى دراسة أجروها مؤخراً مفادها "احترسوا من تأثير الرسوم المتحركة ذات الإيقاع السريع".
لقد أصبح للكارتون الشهير "سبونج بوب Spongebob" تلك الإسفنجة البحرية وأصدقاؤها، الأبطال الأشهر لدى الكثير من أطفال العالم.

سبونج بوب
فحسب دراساتهم فقد تكون تلك الرسوم المتحركة السريعة بصورها وحركاتها ومؤثراتها سبباً في ضعف القدرة على التعلم وحل المشكلات والتركيز لدى الأطفال الصغار في سن الرابعة، حسبما أظهرت دراسة جديدة أعدها مجموعة من الباحثين بجامعة فرجينيا.
وأثناء إجراء البحث الجديد، قسَّم الباحثون عدداً من الأطفال في سن الرابعة إلى ثلاث مجموعات. 
المجموعة الأولى كانت تشاهد سبونج بوب بانتظام، بينما عُرِض على المجموعة الثانية كارتوناً أهدأ إيقاعاً، والمجموعة الثالثة انخرطت في الرسم بدلاً من مشاهدة التلفزيون؛ ثم خضع جميع الأطفال لعدة اختبارات لقياس القدرة على التركيز والتعلم وحل المشكلات. 
وعند المحصلة النهائية لذلك الاختبار قالت: "أوجيلين ليلارد Angeline Lillard" التي شاركت في إعداد الدراسة "ما توصلنا إليه هو أن أداء الأطفال الذين كانوا يشاهدون سبونج بوب كان أقل بمعدل النصف عن الأطفال الآخرين في تلك الاختبارات، وهذا يعني أنهم فقدوا خمسين بالمائة من قدراتهم في هذا المجال، وتشرح ليلارد الأسباب التي تجعل كارتوناً كـ spongebob يؤثر بهذه الطريقة السلبية على الأطفال "إنه سريع الإيقاع وخيالي والطفل يحتاج لاستيعاب كل هذه الأشياء الجديدة والسريعة ولكن من الصعب استيعاب كل هذا لأنها أشياء لا تحدث في الحياة الواقعية"، وقد أشارت إلى أن ذلك التأثير يحدث مباشرة بعد مشاهدة هذا النوع من الرسوم المتحركة، لكنه لم يتضح بعد ما إذا كان التأثير يمتد إلى الأبد. وتضيف ليلارد أنه يتعين على الآباء تحديد الأوقات التي يمكن أن يشاهد فيها الأطفال هذا النوع من الرسوم المتحركة وعدد مرات مشاهدتها، وعما إذا كان ذلك يؤثر على الأطفال لفترات طويلة أم لا فإن البعض يعتقد أن تنمية القدرات الإبداعية والمهارات عند الأطفال لا يتحقق بمشاهدة التلفزيون، بل بالانخراط في أنشطة حقيقية. 

هناك 5 تعليقات:

  1. ايمان باستأذن اخد بعض المعلومات فى الكتاب اللى باكتبه:)

    ردحذف
  2. قد ينتهي

    أو .. قد انتهى

    دون قد ..

    حتما لن ندوم معاً

    ردحذف
  3. اين اجد التطبيق majjjood اي اجدهو

    ردحذف
  4. انا روان الأحمري عمري 18عاماً،أتحدث عن الرسوم المتحركة الكرتونية

    ردحذف