تطور الأدلة الجنائية بمساعدة الكمبيوتر

عرف الإنسان الجريمة منذ فجر البشرية منذ قابيل وهابيل حيث وقعت أول جريمة قتل في التاريخ البشري، فكلما تعددت وسائل وأساليب الجرائم من قتل أو سرقة أو نصب أو سطو مسلح أو إرهاب. . كلما تطورت وسائل الكشف عنها. لهذا تعتبر علوم الأدلة الجنائية محصلة هذه الجرائم، بحيث تتطور معها في طرق الكشف عنها والوقاية منها والبحث وراء الحقيقة وتعقب المجرمين.

والوصول إلى الدراسة والمعرفة ليست وليدة الحاضر، فقد ترك لنا الإنسان ما قبل التاريخ شواهد على بصمات الأصابع في رسوماته ومنحوتاته فوق جدران الصخور والكهوف، والقدماء المصريين والبابليين كان لديهم معرفة بالتشريح العملي لجسم الإنسان.

أيضاً عرف الإغريق القدماء أنواع السموم، وصنفوها لسموم معدنية كالزرنيخ والزئبق والنحاس... وسموم نباتية كنباتات ست الحسن والأفيون والشوكران وبصل العنصل والداتورة..

وفي عام 44ق.م. كشف الطبيب الروماني أنستاسيوس على جثة يوليوس قيصر بعد مصرعه. فوجد بها 23 جرحاً من بينهم جرح واحد غائر في الصدر أدى لمقتله.

فكلما استحدثت وتنوعت وسائل الجريمة. كلما تطور علم الأدلة الجنائية. ومنها:

بصمات الأصابع             

اعتبرت بصمات الأصابع كدليل جنائي أمام المحاكم، منذ أكثر من مائة عام.

أما اليوم فتعتبر بصمة DNA بالدم أحد الوسائل لتحديد هوية الأشخاص، والآن هذه البصمات DNA أصبحت مبرمجة على الحواسيب تعود لملايين الأشخاص العاديين والمجرمين والمشتبه فيهم، ولن يمر هذا العقد إلا ويكون لكل شخص بصمته DNA محفوظة في السجلات المدنية ومصالح الأدلة الجنائية، مثلها مثل بصمة الإصبع المطبوعة على السجلات المدنية لاستخراج هوية الشخص الخاصة به.

وكان الصينيون واليابانيون قد اتبعوا بصمة الأصابع منذ 3 آلاف سنة في ختم العقود والوثائق... وفي القرن 19 استخدم الإنجليز البصمات عندما كانوا في إقليم البنغال بالهند للتفرقة بين المساجين والعمال هناك... فقد اكتشفوا أن البصمات لا تتشابه من شخص لآخر ولا تورث حتى لدى التوائم المتطابقة المتشابهة... لهذا أصبح علم البصمات واقعاً في عالم الجريمة... وقديماً كانت تضاهى يدوياً وبالنظر بالعدسات المكبرة... أما الآن فيكتشف تطابق بصمات الأصابع بوضعها فوق ماسح إلكتروني حساس للحرارة، فيقرأ التوقيع الحراري للإصبع... ثم يقوم الماسح بصنع نموذج للبصمة ومضاهاتها بالبصمات المخزونة... وهناك ماسح آخر يصنع صورة للبصمة من خلال التقاط آلاف المجسات بتحسس الكهرباء المنبعثة من الأصابع.

وقد كان الطب الشرعي قديماً يواجه مشكلة أخذ البصمات لأصابع الأموات خاصة بعد دفنهم، وذلك لجفاف الجلد، وقد حُلت المشكلة هذه بغمسها في محلول جليسيرين أو ماء مقطر أو حامض لاكتيك لتطري الجلد. وساعد ذلك حتى لو كانت أجهزة اليد مهشمة أو تالفة... فيكشط جلد الأصابع ويلصق فوق قفاز طبي... ثم تؤخذ البصمة.

وفي عام 1248 ظهر أول كتاب صيني بعنوان (غسيل الأخطاء) وفيه كيفية التفرقة بين الموت العادي والموت غرقاً، واعتبر هذا الكتاب أول وثيقة مكتوبة حول استخدام الطب الجنائي في حل ألغاز الجرائم... ومنذ عام 1910 أخذت الأدلة الجنائية تضع في الحسبان الآثار التي يخلفها المجرمون وراءهم في مسرح الجريمة رغم عدم وجود آثار بصمات أصابع لهم... فلقد اتخذ الشعر والغبار وآثار الأقدام والدهانات أو التربة أو مخلفات النباتات أو الألياف أو الزجاج كدلائل استرشادية للتوصل إلى المجرمين... ويمكن جمع بعض الآثار من مكان الجريمة بواسطة مكنسة تشفط عينات نادرة من هذه المواد وقد تكون قد علقت بأقدام المشتبه فيهم.

بصمة العرق         

مع تطور الأدلة الجنائية أصبح بالإمكان تحليل عرق الأشخاص بواسطة التحليل الطيفي للتعرف على عناصره... فقد اكتشف أنَّ لكل شخص بصمة عرق خاصة به تميزه... وقديماً عرفنا أنَّ رائحة العرق اعتبرت أحد الشواهد في مكان الجريمة لهذا كانت تستخدم الكلاب البوليسية في شمها والتعرف على المجرم من رائحته، ففي الماضي لم تكن الأدلة الجنائية تستطيع الحصول على دليل لا يرى بالعين المجردة حتى اخترعت الأجهزة التي أصبحت تتعرف عليه وتراه، فالعدسات المكبرة كانت أول أداة استخدمت، ومازالت تستخدم في مسرح الجريمة كفحص أولي سريع، ولقد استخدمت عدسات الميكروسكوب الضوئي المركب لتكبير صور لأشياء أكبر بعشر مرات من العدسة المكبرة العادية... وفي عام 1924 استخدم الميكروسكوب الإلكتروني الماسح وأعطى صوراً ثلاثية الأبعاد مكبرة لأكثر من 150 ألف مرة... وهذه الطريقة تستخدم في التعرف على الآثار الدقيقة من المواد كالدهانات أو الألياف.

بصمة الشعر       

يعتبر الشعر من الأدلة القوية ولاسيما و أنه لا يتعرض للتلف مع الوقت، فيمكن من خلاله التعرف على هوية الضحية أو المجرم... ولقد أخذ دليل بصمة الشعر أمام المحاكم عام 1950... والآن أي عينة شعر توضع في قلب مفاعل نووي ليطلق النيترونات عليها، فتتحول كل العناصر النادرة بالشعر إلى مواد مشعة حتى ولو كانت نسبة المادة جزءاً من بليون جزء من الجرام... ومن المعلوم أنَّ في كل شعرة يوجد 14 عنصراً نادراً، وواحد من بين بليون شخص يتقاسم تسعة عناصر من هذه العناصر.

وفي عام 1995 استخدم التحليل الطيفي بواسطة المطيافات التي تطلق الضوء على المادة المراد تحليلها من خلال التعرف على الخطوط السوداء التي تعتبر خطوط امتصاص لألوان الطيف، فكل مادة لها خطوطها التي من خلالها يتم التعرف عليها... والشعر كغيره من الألياف الصناعية أو الطبيعية كالنايلون أو القطن... ويمكن أن يعطي نتائج مبهمة في الطب الشرعي، لأن كل الألياف تتكون من سلاسل لجزيئات معقدة وطويلة جداً، ولكن يمكن التعرف على أجزاء منها تحت الميكروسكوب الضوئي العادي، فكيف إذا استخدم الميكروسكوب الإلكتروني أو الذي يعمل بالأشعة دون الحمراء. كما يمكن مضاهاة ألوان هذه الألياف بالكومبيوتر.

بصمة العين:      

هذه التقنية تستخدمها السلطات الجنائية الأمريكية في إدارات تحقيق الشخصية وهوية الأشخاص منذ عام 1980 ذلك لأن قزحية العين أشبه ببصمة الأصابع... فلكل شخص له بصمته اليدوية والقزحية؛ حتى ولو كانت بصمات المواليد، لأن هاتين البصمتين تظلان مع المولود من المهد إلى اللحد ولا تتغيران بالمرض أو الشيخوخة، إضافة إلى أنَّ جهاز التعرف على القزحية هو أرخص من جهاز الماسح لشبكية العين.

وهذه الأجهزة ركبت في بعض المطارات مثل مطار الشارقة والأردن وغيرها، وأيضاً تركب حالياً في ماكينات صرف النقود بالبنوك، ولقد استخدمت تقنية التعرف على قزحية العين في الدورة الأوليمبية بسيدني للتعرف من خلالها على هوية اللاعبين بها... فبصمة العين لا تطابق في أي عين مع عين شخص آخر... حتى العين اليمنى في الشخص الواحد لا تتطابق مع العين اليسرى لديه... إلى جانب ذلك اكتشف أنّ قزحية العين بها 266 خاصية قياسية عكس بصمات الأصابع التي بها 40  خاصية قياسية يمكن التعرف عليها... والأدهى في الموضوع أنه يمكن التعرف على بصمة العينين من خلال كاميرا على بعد 3 أقدام... وقد استفيد من هذه الخاصية فاستخدمت في التعرف على الخيول المشاركة في السباقات باليابان.

بصمة الصوت:         

كما هو المعلوم عند التسوق بواسطة الهاتف فإن العاملة أو جهاز التسجيل يتلقى رقم بطاقتك الائتمانية والمعلومات حول التحقق من شخصيتك، وهذه المعلومات يمكن استغلالها في السطو على حسابك في البنك وسحب أموال على بطاقتك دون علمك، ولهذا أضيفت بصمة الصوت عن طريق جهاز خاص، فلا يمكن لأي شخص لديه هذه المعومات سحب أية أموال إلا بالبصمة الصوتية التي يتحكم فيها نبرات وطبقات صوتك والتي لا يمكن تقليدها... لأن هذه التقنية تعتمد على الأحبال الصوتية وتجويف الأنف والفم... وهذه التقنية شائعة في البيوت بأمريكا... فعندما تقول: افتح يا سمسم. ينفتح لك الباب أتوماتيكياً... لأن الجهاز يتعرف على نبرات صوتك ويسجلها بذبذبة ترددية واحد على ألف من الثانية... واليوم يوجد تليفونات محمولة لا تعمل إلا من خلال نبرات صوت صاحبها ولا تعمل مع الآخرين... ولكن المشكلة والمؤسف في الموضوع أنَّ أحد المليارديرات وضع ملايينه في بنك بسويسرا وكان يعتمد على بصمة صوته إلاَّ أنه أصيب بالشلل في أحباله الصوتية فضاعت أمواله لأنها ظلت حبيسة بالبنك.

بصمة الحمض النووي أو DNA

لاشك أن الإنسان يختلف جينياً عن الشمبانزي وبقية الحيوانات رغم أننا في الواقع نشارك الشمبانزي في 98% من جيناتنا... وهذا الاختلاف أيضاً حتى في أعراقه وأنسابه، لهذا نجد أن بصمة الـ DNA بصمة فريدة تظهر لنا التنوع البشري وتطوره... لذلك ومع التطور قام مشروع الخريطة الجينية مؤخراً على التنوع البشري بتصنيف الأجناس البشرية حسب الجينات لدى الأفراد، وليس حسب اللون... فقد أظهرت الدراسة أنَّ الاختلافات الجينية بين الأفراد أكثر مما هي في المجموعات الأجناسية كالجنس الآري أو الحامي أو السلافي أو السكسوني.

لهذا أصبحت تكنولوجيا الـ DNA أحد الأدلة الرئيسية في علم الطب الشرعي الذي يعتمد حالياً على لغة الجينات، وبات جزيء الـ DNA  كبنك معلومات جينية عن أسلافنا وأصولهم حيث يعطينا هذه المعلومات كمعطيات سهلة وميسرة وبسرعة.

وفي عام 1984 ظهر التقدم في فحص جزيء الـ DNA  في دماء الأشخاص والتعرف من خلاله عل الأفراد... واعتبرت بصمة الـ DNA أداة قوية ودامغة للتعرف من خلالها على هوية الأشخاص والمجرمين والمشتبه فيهم... فلقد اكتشف علماء الجينات والوراثة أن ثمة مناطق متقطعة في أجزاء الاتصال بكل DNA  فتوجد في هذه الأجزاء أطوال قصيرة متكررة عدة مرات في الشفرة الوراثية... كما وجد أن هذه الأجزاء المتكررة والمتقطعة لها بصمة وحيدة لكل شخص أشبه بتفرد بصمات أصابع اليد... رغم أن العلم أثبت أن هذه البصمة DNA متطابقة لدى التوائم المتطابقة... ومع التطور أصبح بالإمكان تصوير هذه البصمة بأشعة إكس ورفعها على أفلام حساسة... واليوم تعتبر بصمة DNA هي البصمة التي ستتبع في الألفية الثالثة... لأنها أقوى أداة للتعرف من خلالها على المجرم والكشف عنه من خلال رفع بصمة DNA الخاصة به من آثار دمه في مسرح الجريمة حتى ولو كانت من بقعة دمية متناهية، ثم مضاهاتها بملايين البصمات DNA المخزنة في أجهزة الكومبيوترات الجنائية وفي بنوك الـ DNA وسيصبح بالإمكان من خلال أي بصمة للحمض النووي الـ DNA التعرف عليها وعلى صاحبها في ثوان.

هندسة اليد والأصابع:                    

تستخدم هندسة اليد في التعرف على هوية الشخص أيضاً... ويتم هذا بإدخال اليد في جهاز يقيس أصابعك وكف يدك بدقة لأن كف كل شخص له سماته الخاصة، وهي أشبه بسمات الأصابع مع التعرف على الأوردة خلف راحة اليد، وهي دلائل تأكيدية لبصمة الكف والأصابع.

بصمة التوقيع:        

كما تعلم أن طريقة توقيعك على الأوراق والمستندات والشيكات له سماته الشكلية والهندسية المميزة، وبصمة توقيعك لا يتعرف عليها من خلال الشكل الظاهري لها فقط.. فهناك أجهزة تتعرف على فورمة توقيعك وشكله وطريقته ووقته ونقاط الكتابة وسرعة القلم... وحتى بكتابتك على الآلة الكاتبة، فيمكن معرفة أي الأصابع تستعملها، وطريفة الضغط على كل مفتاح، وذلك لأن طريقة استعمال لوحة المفاتيح تختلف من شخص لآخر، بإضافة إلى ذلك أنَّ لكل ماكينة آلة كاتبة لها بصمات حروفها... لهذا كانت بصمة الحروف تؤخذ بواسطة رافعي البصمات لدى المباحث الجنائية ويدون اسم صاحب الآلة حتى لا يكتب عليها منشورات سرية أو خطابات تهديدية، ويمكن من بصمات الحروف التعرف على كاتبها... والآن ومع وجود الكمبيوتر ظهر التوقيع الرقمي الإلكتروني حيث يوقع الشخص فوق قرص رقمي أو باستعمال قلم خاص، ويمكن التوقيع على الإنترنت على الوثائق أو العقود، كما يمكن التوقيع به على طلبات القبض أو الحضور للمتهمين.

طريقة المشي:        

هذا العلم ليس وليد يومنا، فقد كان قديماً لدى العرب ويسمونه القيافة... كما كانت العرب زمان وإلى يومنا تستخدم الكلاب وبوضع آذانها على الأرض تتعرف على أًصحابها، والأغراب أنها تتعرف على الشخص المطلوب من طريقة مشيه، وصوت ذبذباته فتنتفض فجأة... فطريقة المشي إذاً تختلف من شخص لآخر، ويمكن تفحص طريقة مشيك من خلال التصوير بالفيديو، أو قياس ذبذبات الأرض أثناء المشي للتعرف على هوية الشخص.

سمات الوجه:              

والآن ومع التقدم تجري الأبحاث للتعرف على سمات الأشخاص من خلال سمات الوجه، ففي المطارات سوف يؤخذ المشتبه فيهم لأجهزة للتعرف على ملامح وجوههم، وهناك أجهزة أيضاً تصور المارين بالصالات في المطارات للتعرف على المجرمين المسجلين من خلال أنوفهم وأعيونهم وأفواههم... فهذه الملامح لا تتغير مع الوقت أو بالسن... فتحلل صورة الوجه برمجياً من خلال فحص حوالي 50  نقطة حول الأنف والفم والحاجبين وبعض أجزاء الوجه... ويرصد الجهاز المصور الشخص من حركة رأسه، إلاَّ أنَّ التوائم المتطابقة والأشخاص الذين يطلقون لحاهم أو يزداد وزنهم يشكلون عائقاً للكشف عن شخصياتهم، وتتبع هذه الطريقة في مطارات ماليزيا حيث يصور كل شخص عند تسليمه حقائبه.

تطور التكنولوجيا ساعد على تحديد الهوية:       

واليوم ومع تطور التكنولوجيا لم تعد مصالح الأدلة الجنائية تستكفي ببصمات الأصابع فقط، كما كانت ذي قبل، فقد أصبحت تستخدم آليات وتقنيات متنوعة تطورت مع تطور العلوم، فحالياً تستخدم بصمات كف اليد أو مفاصل الأصابع أو بصمة العينين أو الأذنين أو حتى البصمة الصوتية أو سمات الوجه وآخرها كانت بصمة الـ DNA  فنحن فعلاً نعيش عصر الأمن من خلال العلم الذي يسعى علماؤه جاهدين لوضع طرق وأساليب جديدة ومتنوعة لحمايتك أو حماية ممتلكاتك.

فقديماً كانت الحماية الأمنية للممتلكات تتمثل في القفل والمفتاح المعدني وهي طريقة عملية للتأمين ضد السرقة... إلاَّ في بعض الحالات لو سرق المفتاح أو قلد أو نسخ عليه، واليوم ومع التطور وجدت الكروت المشفرة التي توضع في القفل الإلكتروني لفتح الأبواب، أو لاستعمالها في ماكينات صرف النقود بالبنوك بعد إدخال الرقم السري، ورغم هذا فإن اللصوص والإرهابيين يمكنهم اختراق هذه الحماية الإلكترونية.

وفي المطارات والموانئ تتم المراجعة البشرية للجوازات والتدقيق في الصور بواسطة رجال الجوازات... لكن علم القياس الحيوي دخل في هذه العملية لتجنب المراجعة البشرية لجوازات السفر أو البطاقات الشخصية لتفادي الأخطاء البشرية، فتوضع البطاقة الشخصية أو جواز السفر داخل أجهزة إلكترونية للتدقيق فيهما والتعرف على الأشخاص الحاملين لهما من خلال مقاييس وعلامات دقيقة... فمثلاً ماكينة صرف النقود بالبنوك سوف تتعرف على شخصيتك قبل الضغط على زر السحب، والهواتف حالياً تعطيك رقم الطالب وشخصيته، وبعض المصاعد لا تفتح أبوابها إلاَّ بعد التعرف على الأشخاص من صور وجوههم أو نبرات أصواتهم أو عن طريق وضع بطاقة ذكية مبرمجة. حتى أنَّ الشركات الكبرى توجه أموالها للاستثمار في تطوير وسائل الحماية والوقاية الأمنية عن طريق المقاييس الحيوية.... وفي أمريكا تطورت مصلحة الهجرة والأدلة الجنائية في تطوير وسائل التعرف على المتسللين والمجرمين والإرهابيين وحماية أجهزة الكومبيوترات وشبكات الإنترنت، والمقاييس الحيوية لا تتطلب علوماً جديدة للبحث فيها... ففي كل سجن من سجون أمريكا توجد هذه الأجهزة القادرة على تمييز المساجين من الزائرين للسجون بسهولة وسرعة حتى لو اندسوا بينهم... وفي سجون أيرلندا وإنجلترا توجد هذه الأجهزة في السجون للتعرف على العاملين بها بعدة طرق.

وفي المتاجر الكبرى لن يخرج أي شخص من أبوابها ببضاعة إلا بعد دفع ثمنها، لأنًّ كل سلعة عليها بطاقة لاصقة ذكية (الباركود) وعندما يدفع ثمنها تلغي هذه التحذيرات فيمر الشخص من أمام أجهزة المراقبة الموجودة على الأبواب دون إطلاق صيحة إنذار للمشرفين... وبهذه الأجهزة أيضاً يمكن تحديد عدد المرات التي زرت فيها المحل وأي الأقسام اشتريت منها.

ومع تتطور تقنية التعرف على الأشخاص، فلدى الشرطة اليوم أجهزة تمكن التعرف على هوية الشخص بالشارع وفي ثوان.. كما أنَّ هذه الأجهزة تباع في المحلات لتُركب على أبواب العمارات والمصاعد والمباني العامة والخاصة، وفي السيارات توجد هذه الأجهزة فتتعرف على شخصية صاحبها من رائحة عرقه أو صوته أو نظره، ولو حاول أحد اللصوص قيادتها تفككت السيارة واتصلت الأجهزة بالشرطة، وهذه الأجهزة سوف توضع حول أسوار الحدائق العامة أو الخاصة... فإذا حاول الأطفال الخروج منها أطلقت تحذيراتها الصوتية لتنبيه المشرفين عليها... كما توجد حواسيب لا تعمل إلا بعد أن تتعرف أزرارها على بصمة صاحبها حيث يوجد جهاز ماسح دقيق أو قارئ دقيق للبصمة يوضعا في لوحة المفاتيح وهو رخيص ويباع حالياً، وهذه الأجهزة سوف تحقق حماية كبيرة لأجهزة الكومبيوترات بالشركات الكبرى والمؤسسات الأمنية... كما وجدّتَ مسدسات لا تطلق أعيرتها إلا بعد أن يتعرف زر الإطلاق على بصمة صاحبه.

والجديد:    

أنَّ بعض العلماء وفي دراسة لهم عن سلوكيات بعض الأشخاص، وُجدَّ أنَّ الأشخاص يمكن التعرف عليهم من خلال كرمشة الأشياء المحمولة بأيديهم، وأيضاً يمكن التعرف عليهم من خلال ثنيات الجلد التي حصلت نتيجة القبض الشديد على الجلد بأيديهم.

وأيضاً يقال أنَّ مطاعم الوجبات السريعة سيمكنها التعرف على زبائنها من خلال تصوير طريقة قضم سندوتشات الهامبورجر وبقايا الأطعمة في الأطباق.